وفي السرائر قال محمّد بن إدريس :
إجبارهم على زيارة الرسول عليه السلام لايجوز؛ لأنّها غير واجبة ، بل ذلك مؤكّد الاستحباب دون الفرض والإيجاب بغير خلاف ، وإذا كان الشيء شديد الاستحباب دون الفرض أتى به على لفظ الوجوب على ما أسلفنا القول في معناه . ۱
وفيه: أنّ استحبابها لا ينافي وجوب الإجبار عليها إذا تركها الناس جميعاً، لاستلزام ذلك التهاون بحرمته صلى الله عليه و آله ، بل قد قيل بتعميم الحكم في ترك كلّ مندوب كذلك، لاستلزامه الاستخفاف بالسنّة .
باب أنّ مَن لم يطق الحجّ جهّز غيره
ذهب الشيخ قدس سره إلى وجوب الاستنابة في عام الاستطاعة على مَن جمع شرائطها، سوى إمكان المسير لكبر أو مرض أو سلطان أو عدوّ لا يرجى زوالها . ۲
يدلّ عليه زائدا على ما رواه المصنّف قدس سرهصحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إنّ عليّاً عليه السلام رأى شيخاً لم يحجّ قطّ ولم يطق الحجّ من كبره، فأمره أن يجهّز رجلاً فيحجّ عنه ». ۳
وادّعى في الخلاف ۴ عليه الإجماع ، وبه قال أكثر العامّة، منهم الشافعي ۵ وأبو حنيفة وأحمد ۶ ، محتجّين بما نقلوه عن عليّ عليه السلام أنّه سئل عن شيخ يجد الاستطاعة ، فقال : «يُجهّز مَن يحجّ عنه ». ۷
1.السرائر، ج ۱، ص ۶۴۷.
2.المبسوط، ج ۱، ص ۲۹۹؛ الخلاف، ج ۲، ص ۲۴۸، المسألة ۶.
3.تهذيب الأحكام، ج ۵، ص ۱۴، ح ۳۸؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۶۳، ح ۱۴۲۴۷.
4.الخلاف، ج ۲، ص ۲۴۹.
5.كتاب الاُمّ، ص ۱۲۳؛ المجموع للنووي، ج ۷، ص ۹۳؛ مختصر المزني، ص ۶۲؛ أحكام القرآن للشافعي، ج ۱، ص ۱۳۳.
6.المجموع للنووي، ج ۷، ص ۱۰۰؛ الخلاف، ج ۲، ص ۲۴۸؛ المغني، ج ۳، ص ۱۷۷؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج ۳، ص ۱۷۷.
7.المغني و الشرح الكبير لابني قدامة، ج ۳، ص ۱۷۸.