وبأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لمّا أحرم لبّى، وقد ثبت أنّه قال : «خذوا عنّي مناسككم» . ۱
وبما روي عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال : «أتاني جبرئيل عليه السلام فقال : مُر أصحابك بأن يرفعوا أصواتهم بالتلبية، فإنّها من شعار الحجّ» ۲ ، وأنّه قال لعائشة : «انقضي رأسك وامتشطي واغتسلي، ودعي العمرة، وأهلّي بالحجّ» ۳ ، والإهلال التلبية، والأمر على الوجوب. ۴
وبه قال ابن إدريس ۵ أيضاً، وإنّما قالا بذلك بناءً على قاعدتهما من عدم العمل بأخبار الآحاد .
هذا ، وقال طاب ثراه : الإشعار سنّة عمل به المسلمون كلّهم غير أبي حنيفة و رآهُ من المثلة المنهيّ عنها ، وقال : إنّما كان مشروعاً قبل النهي عن المثلة. وخالفه أصحابه وقالوا بقول الكافّة . ۶
ويردّ قوله: إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أشعر في آخر أمره، وكونه من المثلة، ممنوع؛ لأنّه لمصلحة كالفصد والحجامة والختان ، وإذا جاز الوسم لمعرفة الملك، فالإشعار لمعرفة أنّه هدي أولى بالجواز .
وحكى عن الآبيّ أنّه قال :
قيل: كان الإشعار والتقليد من عادة الجاهليّة؛ ليعلم أنّه هدي خارج عن الملك، فلا يتعرّض له السرّاق وأصحاب الغارات، فلمّا جاء الإسلام وجد في ذلك غرضاً صحيحاً أقرّه .
1.السنن الكبرى، ج ۵، ص ۲۵؛ معرفة السنن و الآثار، ج ۴، ص ۷۸، ح ۲۹۷۳. و ورد بلفظ «خذوا مناسككم»: مسند أحمد، ج ۳، ص ۳۱۸؛ سنن النسائي، ج ۵، ص ۲۷۰؛ و السنن الكبرى له أيضا، ج ۲، ص ۴۲۵، ح ۴۰۱۶، و ص ۴۳۶ ۴۳۷، ح ۴۰۶۸؛ مسند أبي يعلى، ج ۴، ص ۱۱۱، ح ۲۱۴۷.
2.سنن ابن ماجة، ج ۲، ص ۹۷۵، ح ۲۹۲۳؛ المستدرك للحاكم، ج ۱، ص ۴۵۰؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۵، ص ۴۲.
3.مسند أحمد، ج ۶، ص ۱۷۷؛ صحيح مسلم، ج ۴، ص ۲۸؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۴، ص ۳۵۳.
4.الانتصار، ص ۲۵۳ ۲۵۴.
5.السرائر، ج ۱، ص ۵۳۲.
6.اُنظر: الاستذكار، ج ۴، ص ۲۴۷؛ المجموع للنووي، ج ۸ ، ص ۳۵۸؛ المبسوط للسرخسي، ج ۴، ص ۱۳۸؛ تحفة الفقهاء، ج ۱، ص ۴۰۰؛ المحلّى، ج ۷، ص ۱۱۱؛ شرح صحيح مسلم، ج ۸ ، ص ۲۲۸؛ فتح الباري، ج ۳، ص ۴۳۵؛ عمدة القاري، ج ۱۰، ص ۳۵؛ الاستذكار، ج ۴، ص ۲۴۷؛ التمهيد، ج ۱۷، ص ۲۳۲.