« زَمَّ نَفسَهُ مِنَ التَّقوى بِزِمامٍ »

من خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام قوله :
فرحم اللّه امرأً راقب ربّه ، وتنكّب ذنبه ، وكابر هواه ، وكذّب مُناه ، امرأً زمّ نفسه بزمام ، وألجمها من خشية ربّها بلجام^۱.
زمّ يدلّ على استقامة وقصد ، وأمر فلان زمم ؛ أي قصد ، ويحلفون فيقولون : « لا والذي وجهي زمَمَ بيته » ؛ يريدون تلقاءه وقصده ، والزمّ التقدّم في السير ^۲ .
والزمّ : مصدر زممت البعير ؛ أي علقت عليه الزمام ^۳ .
وقد يسمّى المقود زماما ، والزمام الخيط الذي يُشدّ به ، وزمّ البعير : خطمه ، وزمام البعير وزمام النعل وما يشدّ به الشسع ^۴ ، والذئب يأخذ السخلة فيذهب بها زامّا رأسه ؛ أي رافعا ، وقد ازدمّ سخلة ؛ أي ذهب بها ^۵ .
زمّ البعير بأنفه : رفع رأسه لألم ، وزمّ فلان بأنفه أو برأسه : رفع رأسه كبرا ، وشمخ وهو زامّ ، وهم زُمَّم ، وازدمّ إليه : مدّه إليه ، وهو على زمام : على شرف من قضائه ^۶ .
الزمام في النصّ معنوي ذهني ، إذ هو من التقوى ، وقد انتزع من الاستعمال المادّي ، إذ صار دالّاً في النصّ على الاستقامة والتوجّه والقصد والرفع .
إذ زمّ نفسه : قادها وتمكّن منها وصانها ورفعها عمّا يخفضها ويدنيها ؛ لأنّ زمامها هنا من التقوى .
« زمّ » الفعل الماضي ، تعدّى بنفسه وبالجارّ « من » مرّة و« الباء » مرّة أُخرى ، وفاعله مضمر ، و« نفسه » المفعول به ، و« من التقوى » جارّ ومجرور متعلّق بزمّ ، و« بزمام » المجرور من لفظ « زمّ » ، لكنّه جُرّ بالباء الدالّ على الاستعانة .