343
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

و(الأرض المباركة) هنا قيل: عبارة عن حرم المدينة المنوّرة، وقيل: عن جميع المشاهد المقدّسة، وقيل: - كما ذهب إليه برهان الفضلاء - إنّها عبارة عن جميع الأرض وما فيها في زمان القائم عليه السلام، وفي الحديث أنّ ظهور بركات الأرض عند ظهوره عليه السلام. قال: و«الحرم الآمن» أيضاً عبارة عنه بذلك الاعتبار، وفي الحديث إنّه صار حمى للشيعة لا مدخل لغيره فيه أصلاً، فناظرٌ إلى قوله تعالى في سورة القصص: «وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ»۱، فسّر «أولم نمكّن لهم» بالوعد للشيعة عند ظهور الصاحب عليه السلام.
وفي إنزال البيت المعمور لهم أقوال. قال برهان الفضلاء: و«البيت المعمور» هنا عبارةٌ عن اللوح المحفوظ وهو المسمّى باُمّ الكتاب، وهو كتاب من كتب المحو والإثبات التي تنزل على الأئمّة عليهم السلام في ليالي القدر للتحديث ولم ينزل ذلك الكتاب بعد، وسينزل على الصاحب عليه السلام، قال اللَّه تعالى في سورة الرعد: «لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ* يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ»۲، «والسقف المرفوع» عبارة عن سرادق الصاحب عليه السلام، أو كناية عن رفعة شأن سلطنته، فالعبارتان إشارة إلى تفسير آيتي سورة الطور.۳(يريحهم) على المعلوم من الإفعال.
(والأرض) إمّا نصب عطفاً على السقف.
(ويبدّلها) بالدال المهملة من التبديل.
و(من السلام) يعني من البركة والتيمّن.
(ويسلّم) بالنصب عطفٌ على (يظهر) أو رفع على الابتداء.

1.القصص (۲۸): ۵۷ .

2.الرعد (۱۳): ۳۸ - ۳۹ .

3.الطور (۵۲) : ۴ - ۵.


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
342

النَّبِىِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً»1» .

هديّة:

لعلّ المراد بصلاة المهاجرين والأنصار فوجاً فوجاً صلاتهم عشرة عشرة لما ذكر آنفاً.

الحديث الأربعون‏

۰.روى في الكافي بإسناده عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ الرَّقِّيِّ ،۲قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : مَا مَعْنَى السَّلَامِ عَلى‏ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ؟
فَقَالَ :
«إِنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَ تَعَالى‏ - لَمَّا خَلَقَ نَبِيَّهُ وَ وَصِيَّهُ وَ ابْنَتَهُ وَ ابْنَيْهِ وَ جَمِيعَ الْأَئِمَّةِ عليهم السلام ، وَ خَلَقَ شِيعَتَهُمْ ، أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ ، وَ أَنْ يَصْبِرُوا وَ يُصَابِرُوا وَ يُرَابِطُوا ، وَ أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ ؛ وَ وَعَدَهُمْ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُمُ الْأَرْضَ الْمُبَارَكَةَ وَ الْحَرَمَ الْآمِنَ ، وَ أَنْ يُنَزِّلَ لَهُمُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ ، وَ يُظْهِرَ لَهُمُ السَّقْفَ الْمَرْفُوعَ ، وَ يُرِيحَهُمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ وَ الْأَرْضِ الَّتِي يُبَدِّلُهَا اللَّهُ مِنَ السَّلَامِ وَ يُسَلِّمُ مَا فِيهَا لَهُمْ ، لَا شِيَةَ فِيهَا - قَالَ : لَا خُصُومَةَ فِيهَا لِعَدُوِّهِمْ - وَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِيهَا مَا يُحِبُّونَ ؛ وَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله عَلى‏ جَمِيعِ الْأَئِمَّةِ وَ شِيعَتِهِمُ الْمِيثَاقَ بِذلِكَ ، وَ إِنَّمَا عَلَيْهِ السَّلَامُ‏۳ تَذْكِرَةُ نَفْسٍ الْمِيثَاقَ ، وَ تَجْدِيدٌ لَهُ عَلَى اللَّهِ لَعَلَّهُ أَنْ يُعَجِّلَهُ - عَزَّ وَ جَلَّ - وَ يُعَجِّلَ السَّلَامَ لَكُمْ بِجَمِيعِ مَا فِيهِ» .

هديّة:

الأولى جرّ (السلام) وتعلّق الظرف بالسلام من رفعه بالابتداء وخبريّة الظرف.
(وأن يصبروا) ناظرٌ إلى قوله تعالى في سورة آل عمران: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»۴.

1.الأحزاب (۳۳) : ۵۶.

2.السند في الكافي المطبوع هكذا : «بعض أصحابنا رفعه عن محمّد بن سنان ، عن داود بن كثير الرقّي».

3.في الكافي المطبوع : «السلام عليه» بدل «عليه السلام».

4.آل عمران (۳): ۲۰۰.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 102909
صفحه از 612
پرینت  ارسال به