على ما ينافي صدر الحديث من [أنّ] الرجاء ينبغي أن يكون غالباً على الخوف، قلت: لا لوجوه:
الأوّل: أنّ فيه ترغيباً في رجاء المغفرة، وزجراً عن القنوط عند فعل المعصية، فالخير هو الرجاء، والشرّ هو القنوط، والقنوط كفر، وإليه أشار القابسي في حلّ حديث مسلم.
الثاني: أنّه تعالى عند ظنّ عبده في حسن عمله وسوء عمله؛ لأنّ من حسن عمله حسن ظنّه، ومن ساء عمله ساء ظنّه، وإليه أشار الخطابي في حلّه.
الثالث: أنّ ظنّ الخير - المترتّب عليه جزاء الخير۱ أن يرجو العبد رحمة اللَّه من فضله، ولا يتّكل على عمله، ولا يخاف إلّا من ذنبه، لا من ذاته تعالى؛ لأنّه ليس بظلّام للعبيد. وظنّ الشرّ - المترتّب عليه جزاء الشرّ - أن يرجو من عمله، ويخاف منه تعالى، لا من ذنبه. واستفدت هذا من كلام مولانا الصادق عليه السلام قال: «حسن الظنّ باللَّه أن لا ترجو إلّا اللَّه، ولا تخاف إلّا من ذنبك».۲
الرابع: أنّ ظنّ الخير مركّب من الرجاء والخوف المتساويين، وظنّ الشرّ [ما] ليس كذلك، وهو على أربعة أقسام. وهذا استفدته من قول إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال: «العبد إنّما يكون حسن ظنّه بربّه على قدر خوفه من ربّه، وأنّ أحسن الناس ظنّاً باللَّه أشدّهم خوفاً للَّه».۳
وقوله عليه السلام «على قدر خوفه من ربّه»۴ معناه على قدر خوفه من عذاب ربّه لأجل ذنبه. وقيل: ظنّ الخير أن يظنّ المغفرة إذا استغفر، وظنّ قبول التوبة إذا تاب، و[ظنّ ]قبول العمل الصالح إذا عمله؛ وظنّ الشرّ أن يأتي بهذه الأشياء ويظنّ أنّها لا تقبل ولا تنفعه، وذلك قنوط.۵
متن الحديث الثاني والستّين والأربعمائة
1.في المصدر: - «المترتّب عليه جزاء الخير».
2.الكافي، ج ۲، ص ۷۲، ح ۴؛ وسائل الشيعة، ج ۱۵، ص ۲۳۰، ح ۲۰۳۵۱.
3.نهج البلاغة، ج ۳، ص ۲۹.
4.في المصدر: - «وإنّ أحسن الناس» إلى هنا.
5.القائل هو المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۲۴.