361
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

«كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ».
قال الفيروزآبادي: «الدُرّ - بالضمّ - : اللؤلؤة العظيمة، و «كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ»، أي مضي‏ء و يثلّث».۱
وقال البيضاوي:
«كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ»: مضي‏ء متلألئ كالزهرة في صفائه وزهرته، منسوب إلى الدرّ، أو فعيل كمريق من الدرء؛ فإنّه يدفع الظلام بضوئه، أو بعض ضوئه بعضاً من لمعانه، إلّا أنّه قلبت همزته [ياء]، ويدلّ عليه قراءة حمزة وأبي بكر على الأصل، وقرأ أبو عمر والكسائي: درّي كشرّيب، وقد قرئ به مقلوباً.۲(فاعلمهم) على صيغة الأمر، عطفاً على قوله «اجعل» والضمير للناس، ويمكن قراءته بصيغة المضيّ، أي فأعلمهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله.
(فضل الوصيّ) بجعل علمه فيه، ووصفه بما ذكر.
«يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ».
كلمة «من» للابتداء، أي ابتداء وقود المصباح من تلك الشجرة المتكاثر النفع.
قال البيضاوي:
في إبهام الشجرة ووصفها بالبركة ثمّ إبدال الزيتونة عنها تفخيم لشأنها. وقرأ نافع وابن عامر وحفص بالياء والبناء للمفعول من أوقد، وحمزة والكسائي وأبو بكر بالتاء كذلك على إسناده إلى الزجاجة بحذف المضاف.۳(وهو) أي كون عليه السلام أصل الشجرة المباركة، أو توقّد سيّد الأوصياء من تلك الشجرة، فافهم.
(قول اللَّه عزّ وجلّ)؛ في سورة هود: «رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ»۴.
قال البيضاوي:
أهل البيت نصب على المدح أو النداء لقصد التخصيص كقولهم: اللَّهُمَّ اغفر لنا أيّتها العصابة.

1.تفسير البيضاوي، ج ۴، ص ۱۸۸.

2.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۲۸ (درر) مع التلخيص.

3.هود (۱۱): ۷۳.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
360

وعلى هذا فيجوز أن يكون المراد ترتّب الدلائل؛ لأنّ الدلائل يترتّب بعضها على بعض، ولا يكاد العاقل يستفيد منها إلّا بمراعاة الترتيب، فمن ذهب عن الترتيب فقد ذهب عن طريق الاستفادة.
وقال مجاهد: ضوء نور السراج على ضوء الزيت على ضوء الزجاجة «يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ» أي يهدي لدينه وإيمانه من يشاء، بأن يفعل له لطفاً يختار عنده الإيمان إذا علم أنّ له لطفاً.
وقيل: معناه: يهدي اللَّه لنبوّته وولايته من يشاء ممّن يعلم أنّه يصلح لذلك.
«وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ»؛ تقريباً إلى الأفهام، وتسهيلاً لدرك المرام.
«وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ»۱ فيضع الأشياء مواضعها.۲
انتهى كلامه رفع اللَّه مقامه.
(وهو) أي العلم (نوري الذي يهتدى به).
وقوله: (مثل المشكاة) خبر للمثل الأوّل، وإشارة إلى أنّ المثل مقدّر لاحتياج التشبيه إلى تقديره.
والعلم في قوله: (والمصباح النور الذي فيه العلم) بدل من النور، والضمير المجرور للقلب، وإطلاق المصباح على العلم استعارة؛ إذ العلم سبب لظهور المعلومات، كما أنّ المصباح سببٌ لظهور المحسوسات.
وقوله: («الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ»يقول: إنّي اُريد أن أقبضك) أي أتوفّيك.
قال الفيروزآبادي: «قُبِضَ - كعُني - : مات».۳(فاجعل الدَّين عندك عند الوصيّ)؛ فحينئذٍ شبّه الوصيّ بالزجاج الذي فيه المصباح في شفّافيّته وإنارته وحياطته لمصابيح العلوم وأنوارها، كما يحصل المصباح في الزجاجة.
قيل: هذا إشارة إلى أنّ تلك الاستعارة تمثيليّة مبتنية على تشبيه المعقول بالمحسوس لقصد الإيضاح.۴

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۴۹.

2.النور (۲۴): ۳۵.

3.مجمع البيان، ج ۷، ص ۲۵۰ - ۲۵۳ مع اختلاف يسير في اللفظ.

4.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۳۴۱ (قبض).

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 68623
صفحه از 568
پرینت  ارسال به