313
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

يعرف قدر نفسه بأن يحفظ شأنه وقدره اللائق به ، مثلاً إن كان من بيت الشرف والنجابة منخرطا في سلك العلماء ، تحرّز عن زيّ الشرطي والسوقي وفِعالهما ، ولكن كان ذلك منه متلبّسا بقلبٍ سليم ونفسٍ خاضعة ، لا على وجه الترفّع والنخوة ، وكون هذه المعرفة من التواضع باعتبار أنّ هذا القدر والمنزلة نعمة من اللّه تعالى عرضت لنفسه ، فحفظ ذلك تعظيم للّه ولنعمته وتواضع لهما .
وفي الحديث : «ليس للرجل السريّ أن يحمل الشيء الدنيّ فيجترأ عليه» . ۱
وفي الصحيفة الكاملة في دعاء مكارم الأخلاق : «وأعزّني ولا تَبْتَلِيَنّي بالكِبر ، ولا ترفعني في الناس درجة إلّا حططتني عند نفسي مثلها ، ولا تُحْدِثْ لي عزّا ظاهرا إلّا أحدثتَ لي ذلّةً باطنة [عند نفسي] بقدرها» . ۲
ويُحتمل أن يكون المراد أن يعرف أنّ نفسه خُلقت من صلصالٍ من حمأٍ مسنون، وخرجت من ممرّ البول مرّتين ، فينزلها في مظانّ التكبّر منزلتها . والتواضع في هذا الاحتمال أظهر .
نُقل أنّ السلطان محمود اشترى عبدا اسمه «أياز» ثمّ ربّاه حتّى رقى به إلى ذروة سنام العزّ والجاه ، فحسده اُمراء السلطان ، فسعوا به عنده وقالوا : إنّ له بيتا مقفّلاً يختزن فيه نفائس ما يخول في أموال السلطان ، ولا يأتمن عليها أحدا ، وإذا دخل البيت دخل وحده فأغلق الباب ، وإذا خرج قفله من ساعته ، فأمر السلطان أن يكسروا الباب بغتةً ويأتوه بما في البيت ، فلمّا دخلوا لم يجدوا غير قلنسوة ، وقميصٍ خلقة ، وحذاءٍ عليه رقاع كثيرة ، فسأل السلطان إيازا عن حقيقة الحال ، فقال : إنّ هذه الثياب هي التي كانت عليَّ عندما اشتراني السلطان حفظتها ، فكلَّما أجدُ في نفسي ترفّعا بسبب تشريفات السلطان أدخل البيت وألبسها ، وأعظ نفسي بأنّك صاحب هذه الثياب ، وكلُّ ما سواها فمن عطايا السلطان ، فلا تنسَ نصيبك من الدنيا ، فيخضع ويتواضع نفسي ، ويفيق من

1.الكافي ، ج ۶ ، ص ۴۳۹ ، باب التجمّل وإظهار النعمة ، ح ۷ ؛ الخصال ، ص ۱۰ ، ح ۳۵ . وعن الكافي في وسائل الشيعة ، ج ۵ ، ص ۱۲ ، ح ۵۷۵۷ .

2.الصحيفة السجّاديّة ، ص ۹۲ ، الدعاء ۲۰ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
312

أسفله ، وقلبت الشيء للابتياع قلبا : تصفّحته ، فرأيت داخله وباطنه ؛ وقلّبت الأمر ظهرا لبطن : اختبرته . 1 انتهى .
والظاهر أنّ نصب «ظهرا» على التمييز ، أي قلبت ظهر العباد من باب فجّرنا الأرض عيونا . والتنوين في «لبطن» للعوض عن المضاف إليه ، أي لمعرفة بطنهم .
قوله : (على المجذومين 2 ) .] ح 8 / 1870 ]
وفي بعض النسخ «على المجذّمين» .
في القاموس :
الجذام ـ كغراب ـ علّة تحدث من انتشار السوداء في البدن كلّه ، فيفسد مزاج الأعضاء كلّها وهيأتها ، وربّما انتهى إلى تأكّل الأعضاء وسقوطها عن تقرّحٍ . جذم كعني فهو مجذوم ومجذّم 3 . انتهى .
والتجربة شهدت على أنّ سراية الجذام والبرص ونحوهما ليست عامّة ، فلعلّ لها شرط مثل تقارب المزاج واستعداد البدن ، وإنّما ورد الاجتناب على وجه العموم ليسلم في البين من كان فيه شرط السراية ، والإمام عليه السلام علم فقدان الشرط ، أو معارضة قوّة نفسه المقدّسة ، أو الدُّعاء ، وطباع البشر ـ وإن حصل الأمن من الضرر ـ متنفّرة عن مخالطتهم ؛ لرثاثة حالهم وسوء منظرهم ، والإمام عليه السلام إنّما تغذّى معهم لئلّا يفهموا منه التنفّر ، فتنكسر قلوبهم .
قوله : (ذَبَحْتَ كبشا) .] ح 12 / 1874 ]
في القاموس : «ذبح كمنع» 4 .
قوله : (التواضعُ درجاتٌ ، منها : أن يعرف [المرء] قدر نفسه) .] ح 14 / 1876 ]
على وتيرة قول أمير المؤمنين عليه السلام : «رحم اللّه امرأً عرف قدره ، ولم يتعدّ طوره». 5 أي

1.مصباح المنير ، ص ۵۱۲ (قلب) . وراجع : القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۱۹ (قلب) .

2.في الكافي المطبوع : «المجذّمين» .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۸۸ (جذم) .

4.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۲۰ (ذبح) .

5.شرح كلمات أميرالمؤمنين لعبد الوهاب ، ص ۳۰ ؛ شرح مائة كلمة لأميرالمؤمنين لابن ميثم البحراني ، ص ۵۹ ؛ غرر الحكم ، ح ۵۲۰۴ و ۵۲۰۵ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 62660
صفحه از 688
پرینت  ارسال به