139
العقد النّضيد و الدّر الفريد

الحديث المائة

۰.عن منقذ بن الأبقع الأسدي أحد خواصِّ أمير المؤمنين عليه السلام قال :.
كنتُ مع أمير المؤمنين عليه السلام في النصف من شعبان وهو يريد موضعا كان له ، يأوي فيه بالليل ، وأنا معه ، حتّى أتى الموضع ، فنزل عن بغلته ، فَحَمْحَمَتِ البغلة ورفعت أُذنيها وجذبتني ، فحسّ بذلك أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال : «ما وراءك؟» فقلت : فداك أبي وأُمّي ، البغلة تنظر شيئا ، وقد شَخَصَتْ [ إليه ]وتَحَمْحَمَتْ ۱ ، فلا أدري ماذا دهاها ۲ ؟ فنظر أمير المؤمنين[ عليه السلامإلى ] سواد ، فقال : «سَبُعٌ وربّ الكعبة» فقام من محرابه متقلّدا سيفه فجعل يخطو نحو السبع ، ثمّ قال صائحا به : «قِف» فجفّ السبع ووقف ، فعندها استقرّت البغلة ، فقال أمير المؤمنين[ عليه السلام ] : «يا لَيْث ، أَمَا علمْتَ أَنّي الليْثُ وأَنّي الضرغام والقَسْوَر ۳ والحَيْدَرُ؟»
ثمّ قال : «مَا جاءَ بِكَ أَيُّهَا اللَّيْثُ؟ ـ ثمّ قال : ـ اللّهمَّ أنطق لسانه» .
فقال السبع : يا أمير المؤمنين ، ويا خير الوصيّين ، ويا وارث علم النبيّين ، ويا مفرّقا بين الحقّ والباطل ، ما افترست منذ أُسبوع شيئا ، وقد أضَرَّ بي الجوع ، ورأيتكم من مسافة فرسخين ، فدنوت منكم وقلت : أذهب وأنظر ما هؤلاء القوم ومن هم؟ فإن كان لي بهم مقدرة [ و ]يكون لي فيهم فريسة [ أخذت نصيبي ] ۴ .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أيّها الليث ، أما علمت أَنّي عليٌّ أبو الأشبال الأحد عشر ، براثني أمثل من مخالبك فإن أحببت أريتك . ثمّ امتدّ السبع [ بين يديه ]وجعل يمسح [ يده ]على حامّته ويقول : «ما جاء بك يا ليث؟ أنت كلب اللّه في أرضه» .
قال : يا أمير المؤمنين : الجوع ، الجوع .
فقال عليّ : «اللّهُمّ ائته برزقه ـ بحقّ محمّد وأهل بيته ـ [ من ]عندك» .
قال : فالتفتّ فإذا بالأسد يأكُلُ شيئا كهيئة الحَمَل ، فأَكَلَ حتّى أتى على آخره . ثمّ قال : واللّه يا أمير المؤمنين ، ما نأكل نحن معاشر السباع رجلاً يحبُّكَ ويحبّ عترتك ، ونحن أهل بيت ننتحل محبّة الهاشميّين وعترتهم .
ثمّ قال أمير المؤمنين[ عليه السلام ] : «أيّها السبع ، أين تأوي وأين تكون؟» .
فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّي مسلّط على [ أعدائك ] ۵ كلاب أهل الشام ـ وكذلك أهل بيتي ـ وهم فريستنا ، ونحن نأوي النيل .
قال : «فما جاء بِكَ إِلى الكوفَةِ؟» .
قال : يا أمير المؤمنين ، أتيت الحجاز فلم أُصادفكَ ، وإنّي في هذه البريّة والفيافي التي لا ماء فيها ولا خير ، موضعي هذا ۶ ، وإنّي لمنصرف من ليلتي هذه إلى رجل يقال
له سنان بن وابل ممّن انفلت من حرب صفّين ، ينزل القادسيّة ، وهو رزقي في ليلتي هذه ، وإنّه من أهل الشام ، وأنا متوجّه إليه . ثمّ قام من بين يدي أمير المؤمنين عليه السلاموذهب .
[ قال منقذ بن الأبقع : فعجبت من ذلك ] ۷ ، فقال لي أمير المؤمنين : «ممّ تعجّبت؟ هذا أعجب ، أمِ الشمس [ أعجب رجوعها ] ۸ ، أمِ العين [ في نبعها ] ، أم الكوكب [ في انقضاضه ] ، أم سائر ذلك؟ فوالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لو أحببت أَنْ أُري الناسَ مِمّا عَلَّمنِي رَسُولُ اللّه صلى الله عليه و آله من الآياتِ والعَجائِبِ ، لَكانُواْ يَرْجعُونَ كُفّارا» .
ثمّ رَجَعَ أمير المؤمنين إلى مستقرّه ووجّهني[ من ساعتي ]إلى القادسيّة [ فوافيت القادسيّة ]قبل أن يقيم المؤذّن الإقامة ، فسمعت الناس يقولون : افترس سنانا السبع ، فأتيت فيمن أتاه ينظر إليه ، فما ترك السبع إلاّ رأسه وبعض أعضائه مثل أطراف الأصابع ، وأتى على ما به ، فحمل رأسه إلى الكوفة ، [ فبقيت متعجّبا ] ، فحدّث النّاس ما كان من حديث أمير المؤمنين[ عليه السلام ]والسبع ، فجعل الناس يتبرّكون بتراب تحت قدمي أمير المؤمنين[ عليه السلام ] ويستشفون ۹ به . [ فلمّا رأى ذلك ]قام خطيبا فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :
«معاشر الناس ، ما أحبّنا رجلٌ فدخل النار ، وما أبغضنا رجل فدخل الجنّة ، وأَنَا القَسِيم ، أُقْسِمُ بَيْنَ الجَنَّةِ والنّارِ ، هذه إلى الجَنَّةِ يمينا [ وهم من يحبّني ] ، وهذه إلى النار شمالاً [ وهم من يبغضني ] ، أقول لجهنّم : هذا لي وهذا لك ، حتّى تجوز شيعتي على الصراط كالبرق الخاطف والرعد العاصف والطير المسرع والجواد السابق» .
فقام الناس إليه بأجمعهم وهم يقولون : الحمد للّه الذي فضّلك على كثير من
خلقه تفضيلاً .
قال : ثمّ تلا أمير المؤمنين[ عليه السلام ]هذه الآية :
«الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَـنًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَ نَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ»۱۰ .

1.تحمحم البرذون والفرس : ردّ صوته في طلب علفٍ أو إذا رأى من يأنس به.

2.أي لا أعلم ماذا أصابه بداهية ، وهي الأمر المنكر .

3.القسور ـ والجمع: قسار وقساورة ـ : العزيز ، الأسد = الغلام القويّ الشجاع .

4.الزيادة من الفضائل.

5.الزيادة من الفضائل.

6.في كتاب اليقين : «أتيت الحجاز فلم أُصادف شيئا وأنا في هذه البريّة» ، وفي الفضائل : «أتيت الكوفة أطلبك فلم أُصادفك فيها وقطعت الفيافي والقفار حتّى وقفت بك وبللت شوقي».

7.ما بين المعقوفين من الفضائل.

8.ما بين المعقوفين من الفضائل.

9.في الفضائل : «ويتشرّفون».

10.آل عمران (۳) : ۱۷۳ و ۱۷۴ ، وروى الحديث شاذان بن جبرئيل في الفضائل : ۱۶۷ ، خبر كلام السَبُع مع أمير المؤمنين عليه السلام ؛ والسيد ابن طاووس في كتاب اليقين : ۶۵ ـ ۶۷ ؛ وعنهما البحار ۴۱ : ۲۳۲/۵ باب ۱۱۱.


العقد النّضيد و الدّر الفريد
138

الحديث التاسع والتسعون

۰.روي عن الصدر السعيد الوزير شمس الدين نظام الإسلام ، أبي النجيب سعد بن محمد ب «ساوة» سنة سبع وخمسين وخمسمائة أ نّه قال :.
رأيت قبل الوزارة عليّ بن أبي طالب عليه السلام في المنام ويده في يد شيخ لم أعرفه ، فقال لي : «يَا أَبَا النَجِيْبِ ، تَصِيرُ وَزِيرا ، اللّه كيْفَ تكونُ مَعَ شِيْعَتِي ، وهذا وَلَدِي إذ جاءَك فَأَعْطِهِ أَلْفَ دِينارٍ فَهُوَ مُسْتَحقٌّ لِذلِك» .
قال : فانتبهت من النوم فرحا مسرورا ، وحفظت ذلك عنه ، وأترقّب ورود هذا السيّد ، فلمّا تصدّرت للوزارة بعد مدّة جاء السيّد الإمام فخر الدين أبو الرضا الرويدشتي الأصفهاني وقال : لي حاجة مع الوزير فليخلّ لي الموضع ، فخلّيت فقلت له : ما حاجتك؟ فقال : بعثني إليك جدّي عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وقد أحال لي بشيءٍ وقال لك : أعْطِ ولَدي هذا أَلْفَ دِينارٍ .
ففرحت بذلك فرحا شديدا وقبّلتُ رأسه وقلت : سمعا وطاعةً ، لك عندي هذا كلّ سنة ولأولادك ما حييت ، لِما أمرني به مولاي أمير المؤمنين عليّ عليه السلام .

  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    سایر پدیدآورندگان :
    الناطقي، علي اوسط
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1381
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 23196
صفحه از 243
پرینت  ارسال به