303
مكاتيب الأئمّة جلد1

78

كتابه عليه السلام إلى معاوية

۰.« أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي عَلَى التَّرَدُّدِ فِي جَوَابِك ، والاسْتِمَاعِ إلَى كِتَابِك لَمُوَهِّنٌ رَأْيِي ، ومُخَطِّئٌ فِرَاسَتِي ، وإنَّك إِذْ تُحَاوِلُنِي الأُمُورَ ، وتُرَاجِعُنِي السُّطُورَ ، كَالْمُسْتَثْقِلِ النَّائِمِ تَكْذِبُهُ أَحْلامُهُ ، والْمُتَحَيِّرِ الْقَائِمِ يَبْهَظُهُ مَقَامُهُ ، لا يَدْرِي أَ لَهُ مَا يَأْتِي أَمْ عَلَيْهِ ، ولَسْتَ بِهِ غَيْرَ أَنَّهُ بِكَ شَبِيهٌ .
وأُقْسِمُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَوْلا بَعْضُ الاسْتِبْقَاءِ لَوَصَلَتْ إِلَيْك مِنِّي قَوَارِعُ تَقْرَعُ الْعَظْمَ ، وتَهْلِسُ اللَّحْمَ .
واعْلَمْ أَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ ثَبَّطَك عَنْ أَنْ تُرَاجِعَ أَحْسَنَ أُمُورِك ، وتَأْذَنَ لِمَقَالِ نَصِيحَتِك ، والسَّلامُ لأَهْلِهِ » ۱

79

كتابه عليه السلام إلى معاوية

۰.« أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ الدُّنْيَا مَشْغَلَةٌ عَنْ غَيْرِهَا ، ولَمْ يُصِبْ صَاحِبُهَا مِنْهَا شَيْئا ، إِلاَّ فَتَحَتْ لَهُ حِرْصا عَلَيْهَا ولَهَجا بِهَا ، ولَنْ يَسْتَغْنِيَ صَاحِبُهَا بِمَا نَالَ فِيهَا عَمَّا لَمْ يَبْلُغْهُ مِنْهَا ،
ومِنْ وَرَاءِ ذَلِك فِرَاقُ مَا جَمَعَ ، ونَقْضُ مَا أَبْرَمَ ، ولَو اعْتَبَرْتَ بِمَا مَضَى حَفِظْتَ مَا بَقِي ، السَّلامُ » . ۲

1.نهج البلاغة : الكتاب۷۳ .

2.نهج البلاغة : الكتاب۴۹ وراجع : وقعة صفِّين : ص۱۱۰ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۲ ص۲۲۷ وج۱۷ ص۱۵ ، الفتوح : ج۳ ص۳۲۳ .


مكاتيب الأئمّة جلد1
302

77

كتابه عليه السلام إلى معاوية

۰.« أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ آنَ لَك أَنْ تَنْتَفِعَ بِاللَّمْحِ الْبَاصِرِ مِن عِيَانِ الأُمُورِ ، فَقَدْ سَلَكْتَ مَدَارِجَ أَسْلافِك بِادِّعَائِك الأَبَاطِيلَ ، واقْتِحَامِكَ غُرُورَ الْمَيْنِ والأَكَاذِيبِ ، وبِانْتِحَالِك مَا قَدْ عَلا عَنْكَ ، وابْتِزَازِك لِمَا قَدِ اخْتُزِنَ دُونَك فِرَارا مِنَ الْحَقِّ ، وجُحُودا لِمَا هُوَ أَلْزَمُ لَك مِنْ لَحْمِك ودَمِك ، مِمَّا قَدْ وَعَاهُ سَمْعُك ، ومُلِئَ بِهِ صَدْرُك ، فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلاّ الضَّلالُ الْمُبِينُ ، وبَعْدَ الْبَيَانِ إلاّ اللَّبْسُ ؟ !
فَاحْذَرِ الشُّبْهَةَ واشْتِمَالَهَا علَى لُبْسَتِهَا ، فَإِنَّ الْفِتْنَةَ طَالَمَا أَغْدَفَتْ جَلابِيبَهَا ، وأَغْشَتِ الأَبْصَارَ ظُلْمَتُهَا ، وقَدْ أَتَانِي كِتَابٌ مِنْك ذُو أَفَانِينَ مِنَ الْقَوْلِ ضَعُفَتْ قُوَاهَا عَنِ السِّلْم ، وأسَاطِيرَ لَمْ يَحُكْهَا مِنْك عِلْمٌ ولا حِلْمٌ ، أَصْبَحْتَ مِنْهَا كَالْخَائِضِ فِي الدَّهَاسِ ۱ ، والْخَابِطِ فِي الدِّيمَاسِ ۲ ، وتَرَقَّيْتَ إلَى مَرْقَبَةٍ بَعِيدَةِ الْمَرَامِ ، نَازِحَةِ الأَعْلامِ ، تَقْصُرُ دُونَهَا الأَنُوقُ ۳ ، ويُحَاذَى بِهَا الْعَيُّوقُ ۴ !
وحَاشَ لِلَّهِ أَنْ تَلِيَ لِلْمُسْلِمِينَ بَعْدِي صَدْرا أَوْ وِرْدا ، أَوْ أُجْرِيَ لَك عَلَى أَحَدٍ
مِنْهُمْ عَقْدا أَوْ عَهْدا ، فَمِنَ الآنَ فَتَدَارَك نَفْسَك وانْظُرْ لَهَا ، فَإِنَّك إِنْ فَرَّطْتَ حَتَّى يَنْهَدَ إِلَيْك عِبَادُ اللّه أُرْتِجَتْ عَلَيْك الأُمُورُ ، ومُنِعْتَ أَمْرا هُوَ مِنْك الْيَوْمَ مَقْبُولٌ ، والسَّلامُ » . ۵

1.الدّهاسُ والدَّهسُ: ما سهُلَ ولانَ من الأرضِ، ولم يبلغ أن يكون رملاً. (النهاية: ج ۲ ص ۱۴۵)

2.ديماس، هو بالفتح والكسر: الكِنُّ، أي: كأنّه مخدَّر لم ير شمسا، وفيه: «كأنّما خرج من ديماس».

3.أنوُف، جمع قِلَّةٍ لناقة. (النهاية: ج ۵ ص ۱۲۹)

4.العَيُّوقُ: نجم أحمر مضيء في طرف المجرّة الأيمن، يتلو الثُّريا لا يتقدّمه. (لسان العرب: ج ۱۰ ص ۲۸۰)

5.نهج البلاغة : الكتاب۶۵ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديدد : ج۱۸ ص۲۷ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة جلد1
    سایر پدیدآورندگان :
    فرجی، مجتبی
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 186265
صفحه از 568
پرینت  ارسال به