المَكر - الصفحه 6

ودُونَهُ مانِعٌ مِن أمرِ اللَّهِ ونَهيِهِ ، فيَدَعُها رأيَ العَينِ بعدَ القُدرَةِ علَيها، ويَنتَهِزُ فُرصَتَها مَن لا حَريجَةَ لَهُ في الدِّينِ» .
والحريجة التّقوى‏ ، وقال بعض الشّرّاح في تفسير هذا الكلام : وذلك لجهل الفريقين بثمرة الغدر ، وعدم تمييزهم بينه وبين الكَيْس ، فإنّه لمّا كان الغدر هو التفطّن بوجه الحيلة وإيقاعها علَى المغدور به ، وكان الكيس هو التفطّن بوجه الحيلة والمصالح فيما ينبغي ، كانت بينهما مشاركة في التفطّن بالحيلة واستخراجها بالآراء ، إلّا أنّ تفطّن الغادر بالحيلة التي هو غير موافقة للقوانين الشرعيّة والمصالح الدينيّة ، والكيس هو التفطّن بالحيلة الموافقة لهما ، ولدقّة الفرق بينهما يلبّس الغادر غدره بالكيس وينسبه الجاهلون إلى‏ حسن الحيلة كما نسب ذلك إلى‏ معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وأضرابهم ، ولم يعلموا أنّ حيلة الغادر تخرجه إلى‏ رذيلة الفجور ، وأنّه لا حسن لحيلة جرّت إلى‏ رذيلة ، بخلاف حيلة الكيس ومصلحته فإنّها تجرّ إلَى العدل . انتهى‏ .
وقد صرّح عليه السلام بذلك في مواضع يطول ذكرها، وكونه عليه السلام أعرف بتلك الاُمور وأقدر عليها ظاهر؛ لأنّ مدار المكر علَى استعمال الفكر في درك الحيل ، ومعرفة طرق المكروهات ، وكيفيّة إيصالها إلَى الغير على‏ وجه لايشعر به ، وهو عليه السلام لسعة علمه كان أعرف النّاس بجميع الاُمور . والمراد بكونهما في النّار كون المتّصف بهما فيها ، والإسناد علَى المجاز» .۱

(انظر) الحرب : باب 771 .

3642 - مَكرُ اللَّهِ‏

الكتاب :

(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَو يَقْتُلُوكَ أَو يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) .۲

1.بحار الأنوار : ۷۵/۲۸۶ .

2.الأنفال : ۳۰ .

الصفحه من 8