الفكر والثقافة والأدب وما له دخل في المعرفة الإنسانية والإسلامية عامّة . 
 واجتمعت ـ كذلك ـ كلمتُهم على دوران أمر «تحقيق النصوص بين صعوبة المهمّة ، وخطورة الهفوات» وذلك : لأنّ التراث يعتبر أمانةً في أيدي الأجيال ، وبخلوده تخلُد الحضارات ، ومهما كان التراث مقدّساً فإنّ صعوبة المهمّة وخطورة الهفوات فيه تزداد أكثر . 
 أمّا صُعوبة المهمّة فتنشأ عن مشاكل اختلاف الخطوط التي دوّنت بها الكتب التراثية ، مع ما عليه الرسم في الخطّ العربي ، من متشابهات ومشاكل تعود إلى مسألة «الضبط» واختلاف الكتاب في الالتزام بما يلزم من شؤون الخطّ وآدابه ، واختلاف ثقافات الخطّاطين والكتّاب بالنسبة إلى ما يتصدّون لكتابته من كتب العلوم والفنون ، مضافاً إلى تأثّر التراث المخطوط بعوامل مخرّبة ومشوّهة للحبر والكتابة والورق وما إلى ذلك من شؤون طبيعية وبيئية . 
 فيقف المتصدّي لتحقيق التراث أمام جميع هذه المشاكل في كلّ صفحة وسطر ، بل كلّ كلمة . 
 وبما أنّ «التحقيق» يقتضي ـ حسب معناه اللغوي والاصطلاحي ـ إظهار الحقّ وإبرازه ، ممّا بيده من النسخ ، وإخراج «الحق الذي ألّفه المؤلّف وكتبه وأراده» فهذا يتوقّف على بذل جهود عديدة : 
 1 ـ لأداء الأمانة التي يلتزمها ، فلو أخلّ بجزءٍ ممّا سبق فيعتبر عمله خيانةً وتقصيراً بالنسبة إلى المؤلِّف ، لاتهامه بما وضع في الكتاب المنسوب إليه . 
 وكم وجدنا من الجَهَلة مَنْ نسبوا باسم «تصحيح تراثنا . . .» إلى الأعاظم من العلماء ما هم بُرء اء منه ، استناداً إلى ما طُبع في المنسوب إليهم من المؤلَّفات ، زاعمين أنه من أخطاء المؤلِّفين أنفسهم!؟ 
 دون أن يراجعوا النسخ الصحيحة ليجدوا بأعينهم الخائنة: أنّ المُثبت في خطوط العلماء هو الصحيح الصائب ، دون ما نُسب في المطبوع إليهم من الخطأ .