مسائل حول الفضائل - الصفحه 205

أمّا ابن حزمٍ، فكثيراً مّا نراه يقول في (المحلّى) عن حديثٍ رواه خمسة أو ستّة: إنّه متواتر، ومع مذهبه هذا فإنّه لا يُثبّت حديث الغدير ويضعّفه ـ كما فعل في رسالة «المفاضلة بين الصحابة» ـ .
وكذلك ابن تيميّة، فإنّه يضعّف هذا الحديث ولا يثبّته، أو لعلّه يثبّته في (فتاواه) بدون زيادة: «اللّهمّ والِ مَنْ والاه، وعادِ مَنْ عاداه» فلا أدري أيّ ذلك قال ، فقد طال العهد بكلامه، والحديث ثابت بهذه الزيادة أيضاً.
ومَنْ تكلّم في هذا الحديث بالضعف وعدم الثبوت؛ فذلك لأنّه سيفٌ قاطعٌ لرقاب النواصب، وسهمٌ صائبٌ لقلب كلّ مُعرِضٍ عن موالاة الإمام عليه السّلام وحبّه.
فلمّا تعارض النصّ والهوى، وكان الرجوع عن الهوى يحتاج إلى عظيم التقوى؛ حاولوا الرجوع على النصّ بالإبطال، وعدم الثبوت، وأنّى لهم ذلك، ومازاد بذلك إلا الوقوع في المهالك.
وأمّا قولك أيّها المعافريّ ـ متعقّباً على الترمذيّ في حكمه على حديث الموالاة بالصحّة والحُسن معاً ـ : حديث مطعونٌ فيه ، فأَبِنْ لي مَنْ طعن فيه، وأظهر مَنْ ردّه وضعّفه، فإنّك لا تجد إلى ذلك سبيلاً، ولن تستطيع له وصولاً.
نعم، ربّما أفصحتَ عن ابن حزمٍ، ونحن نراك ـ كثيراً ـ تتّبع ابن حزمٍ في هفواته، وتُعرض عنه في صحيح أقواله وآرائه.
وما أراك قلّدتَ في هذا الحديث إلا هو، ولا أتّبعتَ إلا قوله، وهو معذور، وأنت موتور.
وحيث لم نظفر لطعنك في الحديث دليلاً نفنّده، ولا برهاناً نُبطله ونزيّفه، فيكفي في إبطالنا لقولك ودعواك ما ذكرناه جملةً، وما أوردناه من الرواة لحديث الغدير ممّا هو على تواتره أعظم حجّة.
ولو بيّنتَ وفصّلت لَعُدْنا على تفصيلك وبيانك بردٍّ مفصّل مبيّنٍ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عُوقبتم به.

الصفحه من 212