مسائل حول الفضائل - الصفحه 206

مسألة:

وما دُمنا مع ابن العربيّ الفقيه ـ غفر الله تعالى له ـ فينبغي أن نذكر أنّه كان يُصيبه شبه الجنون عندما يمرُّ به شي ءٌ في فضل آل بيت الرسول صلّى الله عليه و آله ، ويطير صوابه، ولا يملك قلمه عن الردّ بالجهل، والطعن بما يُضحك.
وإذا لم يجد ما يُساعده على الطعن والردّ؛ سكت وأعرض عن ذكر المناقب وشرحها، وبيان الفضائل وصحّتها، ويكتفي بذلك، ويري فيه ما يُقرّ عينه، ويُثلج صدره فإن لم يُصبها وابلٌ فطلٌّ.
ولمّا وصل إلى مناقب عليٍّ عليه السّلام لم يجد من (عارضته) البارده القصيرة شيئاً يتكلّم به على أحاديث مناقبه عليه السّلام ، ومرّ بها مرّ الكرام بِلَغْوِ الكلام.
ولكن لمّا وجد الفرصة في أن يُدخل في الكلام على هذه المناقب ما قال له عقله العاطل وفهمه الفاسد : إنّ فيه ما يُقِلّ من قيمة بعض تلك الأحاديث الواردة في ذلك؛ سارع في التعليق عليها بالردّ والتقليل منها، وتهوين أمرها.
كما فعل في كلامه على حديث حُبْشيّ بن جُنادة: «عليٌّ منّي وأنا من عليٍّ، ولا يُؤدّي عنّي إلا أنا أو عليٌّ» ۱ فإنّه علّق على هذا الحديث بقوله: قال علماؤنا: وكان المعنى في ذلك أنّ سيرة العرب قد كانت سبقت واستقرّت أنّه إذا عقد عهداً أحدٌ منهم لا يُحلّه إلا هو أو أحدٌ من قرابته، فتذكّر النبيّ صلّى الله عليه و آله ذلك بعد إرسال أبي بكرٍ، فأرسل عليّاً بذلك حتّى لا يبقى للعرب عليه حجّةٌ يتعلّقون بها، يقولون: عَقَدَ معنا فلا يُحلّ العقد إلا هو، فأذن الله تعالى له في ذلك مصلحةً قرّرها، وحكمةً في حُكمٍ من الشريعة أمضاه بها وأمضاها ۲ (انتهى).
فانظر كيف ضاق صدره ـ غفر الله تعالى له ـ من هذا الحديث الذي يدلّ على

1.أنظر : فضائل الخمسة من الصحاح الستّة : ۱/۳۸۷ .

2.عارضة الأحوذيّ بشرح صحيح الترمذي : ۱۳/۱۶۹ .

الصفحه من 212