157
مكاتيب الأئمّة ج2

مكاتيب الأئمّة ج2
156

تحقيقات وملاحظات :

لا نجد بعد التَّحقيق والتَّدقيق في حياة عبد اللّه بن العبَّاس في زمان خلافة أمير المؤمنين عليه السلام ، مدَّة فارق فيها عبد اللّه عليَّا عليه السلام وذهب إلى مكَّة ، على ما نقل في هذه القصّة :
لأنَّ بيعة أميرالمؤمنين عليه السلام بعد مقتل عثمان وقعت سَنَة 35 ه . ق،وكان ابن عبَّاس وقتئذٍ بالمدينة ، وهو عنده عليه السلام ليلاً ونهارا ، يخدمه ويناصحه ، وكان من الَّذين كانوا يتفانون فيه . ۱
ولمَّا خرج عليّ عليه السلام إلى البصرة خرج ابن عبَّاس معه ، ولمَّا بلغ ذا قار بعثه عليّ عليه السلام إلى الكوفة لاستنفار النَّاس إلى حرب الجمل مع محمَّد بن أبي بكر أو مع الأشْتَر ۲ ، ورجع إلى عليّ عليه السلام بذي قار ، وارتحل معه حَتَّى نزل البصرة ۳ ، وأرسله أمير المؤمنين عليه السلام إلى عائِشَة وطَلْحَة والزُّبَيْر . ۴
فلمَّا انتهت الحرب جعله أمير المؤمنين عليه السلام عاملاً على البصرة ، وكان ذلك سنة ستّ وثلاثين . ۵ وحجَّ في تلك السَّنة بالناس لأمير المؤمنين عليه السلام . ۶
ولمَّا أراد عليه السلام المسير إلى صفِّين ، كتب إلى ابن عبَّاس كتابا يأمره فيه بالشُّخوص إليه مع المؤمنين المسلمين من أهل البصرة ، وكان سَنَة ستّ وثلاثين .
وجمع الطَّبري بينهما بأنَّ ابتداء الحرب كان سَنَة ستّ وثلاثين وآخرها كان سَنَة سبع وثلاثين ، وعلى كل حال كان ابن عبَّاس في تلك المدَّة وحتّى انقضاء الحرب عند عليّ عليه السلام ، وله مواقف كريمة مشكورة وخطب جليلة فيها . إلاّ ما كان من حجَّة للناس من قبل أمير المؤمنين عليه السلام . ۷
فلمَّا انقضت الحرب بمكر ابن النَّابغة ، وابن هند ، وجهالة قرّاء العراق ، وفتنةِ الأشْعَث وتدبيره ، وكذا سائر مخالفي عليّ عليه السلام الموجودين بين أهل العراق من عيون معاوية وجواسيسه ، حَتَّى انتهى الأمر إلى التَّحكيم ، واختار معاوية وأهل الشام عَمْرو بن العاص لعنه اللّه تعالى ، واختلف أهل العراق ، وقال لهم عليّ عليه السلام : « اختاروا أحد الرَّجلين ، عبد اللّه بن عبَّاس أو الأشْتَر » ، وذلك لوثوقه بهما واعتماده عليهما ، ولكن القرّاء أبَوْا ذلك ، ومالوا إلى أبي موسى الأشْعَرِيّ المخالف لعليّ عليه السلام . ۸
وكان ذلك سَنَة سبع وثلاثين ، لثلاث عشرة ليلة بقيت من صفر ، كما تقدَّم . ۹
وقال الواقديّ ، والمسعوديّ ، واليعقوبيّ : أنَّه كان سَنَة ثمان وثلاثين . ۱۰
فلمَّا خرج الحكمان إلى دومة الجندل بعث عليّ عليه السلام شُرَيْح بن هاني على أربعمئة إلى دومة الجندل ، وبعث معهم عبد اللّه بن العبَّاس ليصلّي بهم ، ومعهم أبو موسى ، فكان ابن عباس هناك يصلّي بهم ويراقب الأمور ، ويلتقي مع أبي موسى ويحذّره ، وله في ذلك مواقف مشرِّفة وكريمة ، حَتَّى انقضى أمر الحكمين بانخداع الأشْعَرِيّ وشقائه ، بخداع عَمْرو بن العاص لعنهما اللّه تعالى . ۱۱
قال البلاذري : لمَّا أهلَّ ( هلال ) شهر رمضان سَنَة سبع وثلاثين ، خرج معاوية من دمشق في أربعمئة حَتَّى نزل دومة الجندل ، وسرّح يزيد بن الحرّ العَبْسِيّ إلى عليّ يعلمه نزوله دومة الجندل ، ويسأله الوفاء ، فأتى عليَّا ، فحثّه على الشُّخوص ، وقال :إنَّ في حضورك هذا الأمر صلاحا ووضعا للحرب وإطفاءً للنائرة .
فقال عليّ : « يا بن الحرّ ، إنِّي آخذ بأنفاس هؤلاء ، فإن تركتهم وغبت عنهم كانت الفتنة في هذا المصر أعظم من الحرب بينهم وبين أهل الشَّام ، ولكنّي أسرّح أبا موسى ، فقد رضيه النَّاس ، وأُسرّح ابن عبَّاس ، فهو يقوم مقامي ، ولن أغيب عمَّا حضره ، ففعل ذلك فبعث إلى ابن عبَّاس ، فأقدمه من البصرة . ۱۲
كان ابن عبَّاس بعد كتابة كتاب الصُّلح وإلى حضوره في دومة الجندل في البصرة ، كما صرَّح به البلاذري في كلامه المتقدّم ، بأنَّه : « بعث إلى ابن عبَّاس فأقدمه من البصرة » ، فهو رجع من الشَّام إلى عمله بالبصرة ، وبقي فيها إلى أن كتب إليه أمير المؤمنين عليه السلام ، واستقدمه .
وقال ابن الأثير : فلمَّا خرجت الخوارج وهرب أبو موسى إلى مكَّة وردَّ عليٌّ ابنَ عبَّاس إلى البصرة ، قام في الكوفة فخطبهم فقال : . . . ۱۳
ولمَّا رجع أمير المؤمنين عن الشَّام إلى الكوفة ، وفارقه الخوارج ولم يدخلوا الكوفة ، وأتوا قرية يقال لها حروراء ، فنزلوا بها وهم اثنا عشر ألفا ، وقالت الشِّيعة : في أعناقنا بَيعة ثانية ، نحن أولياءُ مَن والَيت ، وأعداءُ مَن عادَيت .
فقالت الخوارج : استبقتم أنتم وأهلُ الشَّام إلى الكفر كَفَرَسيْ رِهان ، بايع أهلُ الشام معاوية على ما أحبّوا وكرهوا ، وبايعتم أنتم عليَّا على أنَّكم أولياء مَن والى وأعداءُ مَن عادَى .
فقال لهم زياد بن النَّضْر : واللّه ، ما بسط عليٌّ يدَه فبايعناه قطُّ ، إلاَّ على كتاب اللّه وسنَّة نبيِّه صلى الله عليه و آله ، ولكنَّكم لمَّا خالفتموه جاءته شيعتُه ، فقالوا : نحن أولياءُ مَن والَيت ، وأعداءُ مَن عادَيت ، ونحن كذلك ، وهو على الحقّ والهدى ، ومن خالفه ضالٌّ مضِلٌّ ، وبعث عليّ ابن عبَّاس إليهم . ۱۴

1.راجع : تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۲۷ ـ ۴۴۱ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۰۲ ـ ۳۰۷ ،الإصابة : ج۴ ص۴۶۸ ، أُسد الغابة : ج۴ ص۱۰۶ ، مروج الذَّهب : ج۲ ص۳۵۸ .

2.راجع : تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۸۲ ـ ۴۸۷ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۲۷ ، أنساب الأشراف : ج۳ ص۲۹ و۳۱ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۴ ص۱۰ و۱۸ و۱۹ ؛ بحار الأنوار : ج۳۲ ص۸۶ و۸۷ .

3.راجع : أنساب الأشراف : ج۳ ص۳۱ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۴ ص۱۸ و۱۹ ، البداية والنهاية : ج۷ ص۲۳۷ .

4.راجع : العِقد الفريد : ج۳ ص۳۱۴ ، الفتوح : ج۲ ص۴۸۶ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۲ ص۱۶۲ و۱۶۳ و۱۶۵ و۱۶۹ ؛ الجمل : ص۳۱۴ و۳۱۶ و۳۱۷ ، رجال الكشّي : ج۱ ص۲۷۷ .

5.راجع : تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۴۳ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۴۷ ،أنساب الأشراف :ج۳ ص۶۲ ، مروج الذَّهب : ج۲ ص۳۸۱ .

6.راجع : تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۲۱۳ .

7.راجع : وقعة صفِّين : ص۱۱۶ ؛ تاريخ الطبري : ج۵ ص۷۸ ،مروج الذَّهب : ج۲ ص۳۸۴ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۳ ص۱۸۷ ، جمهرة رسائل العرب : ج۱ ص۴۰۴ الرقم۴۲۹ .

8.راجع : تاريخ الطبري : ج۵ ص۵۱ و۶۷ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۸۷ ، مروج الذَّهب : ج۲ ص۴۰۲ ، الفتوح : ج۴ ص۱۹۸ ، البداية والنهاية : ج۷ ص۲۷۶ ؛ وقعة صفِّين :ص۴۹۹ ، تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۸۹ .

9.راجع : تاريخ الطبري : ج۵ ص۵۷ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۷۶ ـ ۳۹۸ ، أنساب الأشراف : ج۳ ص۱۱۱ .

10.راجع : تاريخ الطبري : ج۵ ص۷۱ ، مروج الذَّهب : ج۲ ص۴۰۶ و۴۰۷ ؛ تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۹۰ .

11.راجع : تاريخ الطبري : ج۵ ص۶۷ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۹۴ و۳۹۵ ، مروج الذَّهب : ج۲ ص۴۰۲ ، أنساب الأشراف : ج۳ ص۱۲۰ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۲ ص۲۴۴ ؛ وقعة صفِّين : ص۵۳۳ ، تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۹۰ .

12.أنساب الأشراف : ج۳ ص۱۲۰ .

13.راجع : تاريخ الطبري : ج۵ ص۷۷ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۰۰ ، أنساب الأشراف :ج۲ ص۱۴۰ .

14.تاريخ الطبري : ج۵ ص۶۴ و۷۳ وراجع : الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۹۳ ، الطبقات الكبرى : ج۳ ص۳۲ ؛ تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۹۱ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج2
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 72966
الصفحه من 528
طباعه  ارسل الي