311
مكاتيب الأئمّة ج2

قال ابن أبي الحديد : ثُمَّ ذكر عليه السلام نكتة لطيفة في هذا المعنى ، فقال : « العادَةُ أنَّ الرَّعِيَّةَ تَخافُ ظُلمَ الوالي وأنا أخافُ ظُلْمَ رَعِيَّتِي » ؛ ومن تأمّل أحواله عليه السلام في خلافته ، علم أنَّه كان كالمحجور عليه لا يتمكّن من بلوغ ما في نفسه ، وذلك لأنَّ العارفين بحقيقة حاله كانوا قليلين ، وكان السَّواد الأعظم ، لا يعتقدون فيه الأمر الَّذي يجب اعتقاده فيه ، ويرون تفضيل من تقدّمه من الخلفاء عليه ، ويظنّون أنّ الأفضليّة إنَّما هي الخلافة ، ويقلّد أخلافهم أسلافهم ، ويقولون لولا أنَّ الأوائل علموا فضل المتقدّمين عليه لما قدّموهم ، ولا يرونه إلاَّ بعين التَّبعية لِمَن سَبقهُ ، وأنَّه كان رعيّة لهم ، وأكثرهم إنّما يحارب معه بالحميّة وبنخوة العربيّة ، لا بالدين والعقيدة ، وكان عليه السلام مدفوعا إلى مداراتهم ومقاربتهم ، ولم يكن قادرا على إظهار ما عنده ، أ لا ترى إلى كتابه إلى قضاته في الأمصار ، وقوله : فاقضوا كما . . . وهذا الكلام لا يحتاج إلى تفسير ، ومعناه واضح ، وهو أ نَّه قال لهم :
اتّبعوا عادتكم الآن بعاجل الحال في الأحكام والقضايا الَّتي كنتم تقضون بها إلى أن يكون للناس جماعة ، أي إلى أن تسفر هذه الأُمور والخطوب عن الاجتماع وزوال الفرقة وسكون الفتنة ، وحينئذ أُعرِّفُكم ما عندي في هذه القضايا والأحكام الَّتي قد استمررتم عليها .
ثُمَّ قال : « أو أموتُ كما ماتَ أصحابِي » ، فمن قائل يقول : عَنَى بأصحابه الخلفاء المُتقدّمين ، ومن قائل يقول : عَنَى بأصحابه شيعتَه كسَلْمان ، وأبي ذرّ ، والمقداد ، وعَمَّار ، ونحوهم . ۱

1.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۷ ص۷۲ .


مكاتيب الأئمّة ج2
310

كتابه عليه السلام إلى بعض عمَّاله

۰.قال الزُّهْريّ : دخلت إلى عمر يوما ، فبينا أنَا عنده إذ أتاه كتاب من عامل له ، يخْبِره أنَّ مدينتهم قد احتاجت إلى مَرمَّة ، فقلت له : إنَّ بعض عمَّال عليّ بن أبي طالب كتَب بمثل هذا ، وكتَب إليه :« أمَّا بَعدُ ، فَحَصّنْها بالعَدلِ ، ونَقِّ طُرُقَها مِنَ الجَوْرِ » .

فكتَب بذلك عمر إلى عامله . ۱

201

كتابه عليه السلام إلى القضاة

۰.قال عليه السلام لقضاته : ـ وقد سألوه بم نحكم يا أمير المؤمنين ؟ فقال :« اقضُوا كَما كُنتُم تَقضُونَ ، حَتَّى تكونَ النَّاسُ جَماعَةً ، أو أموتُ كما ماتَ أصحابِي» ۲ . ۳

1.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۳۰۶ وراجع : تاريخ مدينة دمشق : ج۴۵ ص۲۰۲ .

2.تهذيب الأحكام : ج۹ ص۲۵۹ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۷ ص۷۲ .

3.وفي صحيح البخاري : ص عن عبيدة ، عن عليّ رحمه الله ؛ قال :« اقضوا كما كنتم تقضون ، فإنِّي أكره الاختلاف حَتَّى يكون للناس جماعة ، أو أموت كما مات أصحابي » . فكان ابن سيرين يرى أنَّ عامّة ما يروي على عليّ الكذب . ( ج۳ ص۱۳۵۹ ح۳۵۰۴ وفي تاريخ بغداد : ج۸ ص۴۲ ح۴۰۹۸ ) . وراجع : فتح الباري : ج۷ ص۷۱ الرقم۳۷۰۷ ، الأموال : ص۳۴۳ ح۸۵۰ ، عمدة القاري : ج۱۶ ص۲۱۸ ح۲۰۳ ، إرشاد الساري : ج۶ ص۱۱۸ ؛ الغارات : ج۱ ص۱۲۳ ، أخبار القضاة : ج۲ ص۳۹۹ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج2
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 72953
الصفحه من 528
طباعه  ارسل الي