التعقيبات و الدعوات - الصفحه 94

الشيطانية، فربّما تذهب بالكلّيّة فتصير في عداد الشياطين و تخلّد في العذاب المهين نعوذ باللّه منه.
ومن وجد في نفسه خصلة أو خصالا من النفس الثانية والثالثة فليبتهل إلى اللّه تعالى في الخلاص منها، وليجتهد في الاتّصاف بضدّها، ويجاهد ۱ نفسه التي هي أقرب الأعداء ۲ وهذا الجهاد أعني جهاد النفس ـ من أفضل الأعمال، ولهذا قال ـ صلى اللّه عليه وآله ـ وقد رجع من بعض غزواته: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» و عنى به جهاد النفس، فإن وصل الإنسان إلى مراده بهذا السعي فقد تمّت له السّعادة، و إن مات قبل ذلك وهو في هذا الجهاد فقد ختم له بالشهادة. وقد ضربوا للإنسان لسيره مع عقله وهواه و حرصه مثالا لراكب فرس معه كلب، فإن تأمّر الكلب وكان هو المقدّم وهو المتبوع رمى بهم على كلّ جيفة، وأخذوا عن الدّرب يمينا وشمالا، ورعيت الوعر والشّوك، فتسوء حال الفارس والكلب والفرس. وإن كان المتبوع هو الفارس سلك بهم جادة الطريق، وأوردهم أعذب ۳ الماء من شريعته وأطيب العلف في الوادي السّهل فيحسن حال الفارس والكلب والفرس فالمتبوع الأول هو الهوى والمتبوع الثاني هو العقل.
واعلم أنّ السّعادة على قسمين: دنيويّة وأ خرويّة. فطالب السّعادة الدنيويّة مدخول العقل من وجوه:
الأوّل: أنّه مغبون الصّفقة، لأنّه ينقد في ثمنها العمر النّفيس وهي زائلة وكل ساعة من ساعاته يمكن أن يكتسب بها كنزا من كنوز الأبد، ولهذا قال ـ صلّى اللّه عليه وآله ـ: «بقيّة عمر المرء لا قيمة لها» ۴ .
الدّهر ساومني عمري فقلت لهما بعت عمري بالدّنيا وما فيها
ثم اشتراه بتدريج بلا ثمنتبّت يدا صفقة قد خاب شاريها
قال بعض العلماء: ابن آدم فرحت ببلوغ أملك، إنّما بلغته بانقضاء أجلك، ثمّ سوّفت بعملك، فكان منفعته لغيرك ۵ و قيل لبعضهم قد بلغت العلا؟ فقال: إنّما يبلغ العلا من عتق من رقّ الدنيا. ۶ الثاني: أنّه يسعى لها و قد تفوته ولايدركها. قال عليّ ـ عليه السلام ـ «من ساعاها فاتته ومن قعد عنها واتته» ۷ في الحديث القدسيّ «وعزّتي وجلالي لابلّغت أ مل آمل لأنّه لا يقف على حدّ بل أيّ شيء نال منها طمحت نفسه وتطلّعت إلى طلب شيء آخر فهو متحسّر فقيه طاله دائما» قال ـ عليه السلام ـ «مثل الدّنيا كالماء المالح كلّما شربه العطشان لايزداده إلاّعطشا».
[الثالث] هب أنّه قد بلغ مراده، فهل يمتّعه ذلك إلاّ أيّاما قلائل، وهل تمتّعه إلاّ كظلّ زائل؟ شعر:

هبك بلّغت كلّما تشتهيهوملكت الزّمان تحكم فيه
هل قصارى الحياة إلاّمماتسلب المرء كلّما يقتنيه
[الرابع] أنّه دليل على رداءة الهمّة وخساسة النفس حيث قنعت بالشيء الدون الزائل مع ما فيه من الكدورات و الشوائب، و سمحت بفوات النعيم الدائم الذي يشارك في

1.چاپ سنگى: وليجاهد.

2.برگرفته از حديث اميرالمؤمنين ـ عليه السّلام ـ: «نفسك أقرب أعدائك إليك»، غرر الحكم، ج۷، ص۳۹۲، ح۹۹۵۷، چاپ دانشگاه تهران.

3.چاپ سنگى: عذب

4.اين سخن در مجموعه ورّام شيخ زاهد ورّام بن ابى فراس، ص۳۶ از حضرت على عليه السلام چنين نقل شده است: بقيّة عمر المرء لا ثمن لها يدرك بها ما فات و يحيي بها ما أمات. همچنين در روضة الواعظين ابن فتّال نيشابورى، ص۳۹۴ و دعوات راوندى، ص۱۲۲ با اندكى اختلاف به همين صورت نقل شده است. نيز در منية المريد، شهيد ثانى، تصحيح رضا مختارى، ص۲۲۶، اين شعر چنين آمده است: بقيّة العمر عندي ما لها ثمنو ما مضي غير محمود من الزمّن يستدرك المرء فيها ما أفات ويحـيا ما امات و يمحو السّو بالحسن

5.مجموعه ورّام، ۱/۱۳۹ باب ذم الدنيا آمده است «يابن آدم ببلوغ أملك إنّما بلغته بانقضاء أجلك ثمّ سوّفت بعملك كان منفعته لغيرك». امّا در نسخه چاپ سنگى بجاى «لغيرك»، «تضرك» آمده است.

6.مجموعه ورّام ۱/۱۳۹ آمده «قيل لبعضهم قد نلت الغنى فقال إنّما نال الغنى من عتق من رقّ الدنيا».

7.نهج البلاغه، چاپ معجم نهج البلاغه محمّد دشتى، سيد كاظم محمّدى، خطبه۸۲، ص۳۱، آمده: «من ساعاها فاتته ومن قعد عنها واتته».

الصفحه من 102