شرح حديث"من عرف نفسه فقد عرف ربّه" - الصفحه 160

غرّة في بيان مراتب النفس

وهي سبعةـ كما مرّ سابقا إجمالاـ وقد بيّن في رسالتنا المسّمى بالـ «مجّردات» مشروحا وتفصيلا فارجع ثمّة، فبالجملة إنّ الإنسان إذا عرف نفسه بأنّه قائم بقيام الله وأمره وحكمه، فحينئذ عرف ربّه بالاستغنا عمّا سواه، فحينئذ يذكره على الدوام في جميع الأيّام بكلّ الألسنة والأوهام.

اى نام تودر هر لغتى ذكرانام-وز تذكره ذكر تو شيرين لب وكام
بى نام تو شغل ها تباهند تباه-با نام تو كارها تمامند تمام
الخامس عشر: من عرف نفسه بأنّها أثر الرّب وحاك عن ربّه، يعرف أنّها حينئذ كانت محوا الموهوم صحوا المعلوم، وكانت لا اسم لها و لا رسم لها؛ لأنّ الأثر يشابه صفة مؤثّره و مؤثّرها وهو الخالق المتعال في مقام ذاته، كذلك لا اسم له و لا رسم له، فلابدّ أن تكون النفس كذلك. فمعرفة النفس كذلك مستلزم لمعرفة الرب كذلك، لما مرّ من أنّ الأثر يشابه صفة مؤثره، وكذلك حقيقة الإنسان فإنّها باعتبار الأثريّة عن ربها كذلك لا اسم له ولا رسم له. وتلك المعرفة أكمل طرق معرفة النفس، وأكمل طرق الرّب؛ لأنّ معرفة الله بهذا النحو معرفته بمقام ذاته، وغيرها معرفته بمقام أفعاله و،بديهيّ أنّ الأوّل أكمل وأتمّ من الثاني.
ثمّ إنّ النّفس تكون حاكية عن ربّها حيث تلاحظها وتعرفها بصفة المحكيّ عنه وإلاّ فلاتكون حاكية عنه، ولحاظها ومعرفتها بصفة المحكيّ عنه حيث تلاحظها لا اسم له ولا رسم له، لكونه فى مقام ذاته كذلك، فلزم تصوّرها ومعرفتها كذلك لتكون دليلا عليه وإلاّ فلا تدلّ عليه.
ثمّ إنّ تصوّرها كذلك ومعرفتها بهذا النحو، تصوّرها ومعرفتها فوق العقل، بل فوق الفؤاد؛ لأنّهما لهما اسم ورسم بخلاف النفس حينئذ لتجردّها عن الاسم والرسم لتصوّرها كذلك.
فبالجملة النفس أو العقل أو الفؤاد أو حقيقة الإنسان في مقام الأثريّة والحاكييّة عن

الصفحه من 167