177
اسباب اختلاف الحديث

السبب التاسع عشر : خفاء التخصّص

التخصّص هو كون موضوع أحد الدليلين خارجا عن موضوع الدليل الآخر حقيقة ووجدانا ، كما إذا ورد في دليل : «الخمر حرام» وفي آخر : «الخلّ حلال» فهما قضيّتان متباينتان موضوعا والخلّ بنفسه خارج عن مفهوم الخمر ، فيقال : الخلّ خارج عن الخمر تخصّصا . والفرق بين التخصّص والتخصيص هو أنّ التخصيص إخراج بعض أفراد الموضوع عن حكمه لا عن موضوعه . وأمّا التخصّص فهو كون شيء خارجا عن موضوع شيء آخر بنفسه حقيقة .
ولكن خفاء التخصّص وتوهّم اندراج شيء في موضوع حكم آخر قد يوجب الاختلاف الصوري بين دليليهما ، مثل ما إذا دلّ حديث على حرمة بيع المكيل والموزون بزيادة إذا كان من جنس واحد؛ كبيع الحنطة بالحنطة مثلين بمثل ، فيتصوّر دخول السلت أو العلس في هذا الحكم، وعدم جواز بيعهما بالحنطة لكثرة المشابهة بينهما وبين الحنطة ، مع أنّهما خارجان عن عنوان الحنطة . فتأمّل ؛

المثال الأوّل : معنى الاستئكال بالعلم

۱۵۶.۱ . ما رواه في كنز العمّال عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :من أكل بالعلم طمس اللّه على وجهه ، وردّه على عقبيه ، وكانت النار أولى به . ۱

۱۵۷.۲ . ما رواه الشيخ الطوسي قدس سرهبإسناده عن إسحاق بن عمّار ، عن العبد الصالح عليه السلام ، قال:

1.كنز العمّال: ج۱۰ ص۱۹۶ ح۲۹۰۳۴ .


اسباب اختلاف الحديث
176

تخصيص العامّ به ـ . اللّهمّ إلاّ إذا كان أحد الخاصّين متّصلاً والآخر منفصلاً ـ وهو خلاف الفرض ـ ، فيحمل العامّ على الخاصّين ، سواء في مادّة اجتماعهما أو افتراقهما ، إلاّ إذا تعارض الخاصّان في مادّة اجتماعهما فيخصَّص العامّ بمادّة افتراقهما، ويرجع إلى العامّ في مادّة اجتماعهما بعد سقوط الخاصّين في خصوصها بالتعارض . نعم إذا استلزم تخصيص العامّ بالخاصّين استهجان التخصيص أو استيعابه ، فإن كان الاستهجان قرينة على عدم إرادة التخصيص بالخاصّين معا وكان كاشفا عن إرادة تقديم أحد الخاصّين على الآخر في مقام التخصيص اُخذ بمقتضى هذه القرينة، وإلاّ فلابدّ من طرح أحد الأطراف الثلاثة إمّا بنحو الترجيح أو التخيير . .
و ـ أن تكون نسبة الخاصّين إلى العامّ مختلفة ؛ بأن كانت نسبته إلى أحد الخاصّين العمومَ المطلق، وإلى الآخر العمومَ من وجه ، فيخصَّص العامّ بالخاصّ المطلق، ثمّ تلاحظ النسبة بين العامّ المخصَّص وبين الخاصّ من وجه ، فيعامل معهما على أساس النسبة الجديدة بينهما ؛ أي إن انقلبت النسبة بينهما إلى العموم المطلق يعامل معهما معاملته ، وإن بقيت على ما كانت عليه عوملت معاملة العامّين من وجه .
ز ـ أن تكون النسبة بين المتنافيات بالعموم من وجه ، فيعلم وجه علاجها ممّا ذكرناه في المختلفين بالعموم من وجه .
ومحلّ تحقيق المسألة وبيان طرق علاجها ۱ هو مبحث تعارض الأدلّة من علم الاُصول، أو علم مختلف الحديث بوجه عامّ، دون ما اُفرد للتعرّف على أسباب اختلافه .
وسيأتي في مبحث «العامّ المراد به الخاصّ» ـ من القسم الثاني ـ ما يوضح جوانب من مبحثنا هذا .

1.وقد تعرّضنا لها ـ بوجهٍ موجَز ـ في الأمر التاسع من المقدّمة .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 220980
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي