181
اسباب اختلاف الحديث

لكنّ الإمام عليه السلام لا يرى الظروف اضطرارية مقتضية للتقيّة في خصوص النبيذ المسكر والمسح على الخفّين؛ لأنّ تكرّر نهي الكتاب العزيز عن الخمر ـ بل وعن المسكر ـ وشدّة حرمتها، ووضوح أمر الكتاب بمسح الرجلين ، جعل الحكمين المذكورين رائجين بين العامّة، فلم تكن حاجة إلى التقيّة في خصوصهما بملاحظة ذهاب جماعة إلى خلاف ظاهر الكتاب فيهما . فإذا اضطرّ الإنسان إليها في تقيّة تصبح التقيّة بشربها جائزة، بل واجبة .
وإليك بعض ما هو ظاهر في التخصّص دون التخصيص :

۱۶۴.۱ . الشيخ الطوسي بإسناده عن سعيد بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام :ليس في ترك النبيذ تقيّة . ۱

۱۶۵.۲ . روى الشيخ أيضا بإسناده إلى أبي الورد ، قال :قلت لأبي جعفر عليه السلام : إنّ أبا ظبيان حدّثني أنّه رأى عليا عليه السلام أراق الماء ثمّ مسح على الخفّين: فقال : كذب أبو ظبيان ، أما بلغكم قول عليّ عليه السلام فيكم : «سبق الكتاب الخفّين» . فقلت : هل فيها رخصة ؟ فقال : لا ، إلاّ من عدوّ تتّقيه ، أو ثلج تخاف على رجليك . ۲

أقول : هذا الحديث بمدلوله الالتزامي كالنصّ في أنّ نفي التقيّة في موارد المسح على الخفّين ـ الّذي يتخذ حاله وحال شرب الخمر ومتعة الحج ـ من باب التخصّص دون التخصيص ؛ ألا ترى أنّه نفى التقية عنه ثم استثنى موارد فأجاز فيها التقية ، وكذا علّل عدم جواز التقية في المسح على الخفّين بسبق الكتاب عليه .
ولقد أجاد شيخنا الاُستاذ مكارم الشيرازي «دام ظله» حيث قال : «إنّ نفي التقيّة فيها إنّما هو من باب التخصّص والخروج الموضوعي، لا من باب التخصيص والخروج الحكمي» ۳ .

1.تهذيب الأحكام : ج۹ ص۱۱۴ ح۴۹۴ .

2.تهذيب الأحكام : ج۱ ص۳۶۲ ح۱۰۹۲ ، الاستبصار: ج۱ ص۷۶ ح۲۳۶ .

3.القواعد الفقهية للشيخ مكارم الشيرازي : ج۱ ص۴۲۲ .


اسباب اختلاف الحديث
180

شيء يضطرّ إليه ابن آدم فقد أحلّه اللّه له . ۱

۱۶۳.۲ . ما رواه الكلينيوالصدوق والبرقي قدس سرهمبالإسناد إلى أبي عمر الأعجمي ، قال :قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : يا أبا عمر : . . . لا دين لمن لا تقيّة له ، والتقيّة في كلّ شيء إلاّ في النبيذ، والمسح على الخفّين . ۲

مورد الاختلاف:

بينا يدلّ الحديث الأوّل على جريان التقيّة وجوازها ـ بل وجوبها ـ في كلّ ضرورة على نحو العموم ، يدلّ الحديث الثاني على استثناء شرب النبيذ والمسح على الخفّين من العموم .

علاج الاختلاف :

قد يتوهّم أنّ الأحاديث المستفيضة الدالّة على مضمون الحديث الثاني تستثني الموارد المنصوصة المخرجة عن حكم العموم، فيكون التنافي بينهما بالعموم والخصوص، وعلاجه ـ بطبيعة الحال ـ هو بالتخصيص .
لكنّه توهّم محض ؛ فإنّ الحديث الأوّل وما دلّ على مضمونه من الأحاديث المستفيضة آبية عن الاستثناء بمثل هذه الموارد . ۳
بل المورد من باب خفاء التخصّص ؛ وذلك لأنّ التقيّة في كلّ ضرورة، وصاحبها أعلم بها حين تنزل، به، ۴ خمرا كان أو غير ذلك، كما يؤيّده ما دلّ على جوازها في حال شدّة الحاجة إلى التداوي بالخمر .

1.الكافي : ج۲ ص۲۲۰ ح۱۸ ، المحاسن: ج۱ ص۴۰۳ ح۹۱۲ وفيه «كلّ شيء اضطرّ إليه » بدل «يضطرّ إليه » .

2.الكافي : ج۲ ص۲۷۲ ح۲ ، الخصال: ص۲۲ ح۷۹ ، المحاسن: ج۱ ص۴۰۴ ح۹۱۳ وفيهما «شرب» بعد «إلاّ» ، وسائل الشيعة : ج۱۶ ص۲۱۵ ح۲۱۳۹۴ .

3.وإن لم تكن آبية عن الاستثناء بما فيه انمحاء الدين، كما سيوافيك إن شاء اللّه في مبحث التقيّة .

4.الكافي: ج۲ ص۲۱۹ ح۱۳ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 221201
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي