وشدّة وضوح هذ الأمر يغنينا عن إطالة الكلام في إثباته بالبرهنة وذكر الشواهد ، فلنكتفِ بذكر شاهد ، فحسب .
۲۴۰.۱ . روى أبو الفتوح الرازي في تفسيره عن جماعة من المفسّرين ـ في سبب نزول الآية ۲۱۹ من سورة البقرة ـ ما ملخّصه :أنّ جماعة من الصحابة قالوا: يا رسول اللّه ، أفتِنا في الخمر والميسر ، فإنّهما مذهبة للعقل ، مسلبة للمال ، فنزلت هذه الآيه ، فأمسك عن الخمر جماعة ، ولم يمسك عنها جماعة؛ لما فيها من المنافع ، إلى أن دعا عبد الرحمن بن عوف جماعة ، فهيّأ لهم طعاماً ، فلمّا أكلوا سقاهم الخمر ، فدخل المغرب وهم سكارى ، فقدّموا أحدهم ليصلّي بهم ، فقرأ الحمد وقل يا أيّها الكافرون ، وقرأ فيها: « أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ » ، إلى آخرها ، فنزلت هذه الآية: « يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلَوةَ وَأَنتُمْ سُكَـرَى » النساء : ۴۳ . الآية ، فأمسك عنها جماعة آخرون ، وقالوا: لا خير فيما يصدّنا عن الصلاة ، وفيه الإثم . وبقي آخر يشربونها في غير أوقات الصلاة ، إلى أن شربها أحد المسلمين يوما وسكر، وتذكّر قتلى بدر ، فبكى وناح ورثاهم . . . فاُخبر النبي صلى الله عليه و آله بقصّته ، فأتاه وفي يده صلى الله عليه و آله شيء يريد أن يضربه به ، فاستعاذ به، واعتذر وتاب .
ثم ذكر قصّة حمزة ، كما مرّ ما يقاربها. قال: ثم إنّ عتبان بن مالك هيّأ طعاما وشوى رأس بعير ، واحضر جماعة فيهم سعد بن أبي وقّاص ، فلمّا سكروا تفاخروا بالأشعار ، فأنشد سعد قصيدة في فخر قومه ، فقام أنصاري فأخذ عظم الرأس وشجّ به رأس سعد ، فشكا عند رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال أحد الصحابة: اللّهم بيّن لنا بيانا شافيا في الخمر ، فأنزل اللّه هذه الآية: « إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ »۱ الآية . ۲