275
اسباب اختلاف الحديث

قال المحقّق القمّي قدس سره : «إنَّ المراد بالمتشابه هو مشتبه الدلالة، والمحكم في مقابله، ويشمل ما كان نصّا أو ظاهرا . . . فالمراد من المتشابه هو ما لم يتّضح دلالته؛ بأن يصير السامع متردّدا لأجل تعدّد الحقائق، أو لأجل خفاء القرينة المعيّنة للمجاز؛ لتعدّد المجازات، وهكذا . والحاصل أنّه ما لم يكن له ظاهر اُريد منه ، سواء لم يكن له ظاهر ، أو كان ولم يرد ، واشتبه دلالته في غيره ، فما وضح دلالته، إمَّا للقطع بالمراد، أو للظهور المعهود الّذي يكتفي العقلاء وأرباب اللسان به ، فهو المحكم ومقابله المتشابه» ۱ .
أقول: هذا أصحّ ما فسّر به المحكم والمتشابه كما عليه كثير من علماء اللغة والفقه والتفسير.
والمتشابه بالتفسير المتقدّم يشمل :
أ ـ اللفظ المحتمل لمعنيين أو أكثر، الذي لا يهتدي فيه المخاطب من أبناء العرف إلى المقصود منه من خلال الطرق المتعارفة لفهم المعاني .
ب ـ اللفظ الظاهر في معنى يمتنع حمله عليه ، فلابدّ من التصرّف فيه مع احتماله لوجوه من التصرّف لا رجحان لبعضها على بعض .
ج ـ وربما يشمل اللفظ الذي له ظهور في معنى مراد منه، وهو في بعض مراتب البطن محتمل لوجوه من التأويل والمعاني الباطنية .
وهذه الأقسام الثلاثة تنقسم بالتحليل إلى أقسام كثيرة، يدخل فيها كثير من الأسباب والعناوين المتقدّمة والآتية .

المتشابه بالمعنى الأعمّ والمعنى الأخصّ

يمكن أن يقال إنّ للمتشابه قسمين أحدهما في طول الآخر وداخل فيه على سبيل العموم المطلق :
فالمتشابه بالمعنى الأعمّ : يشمل كلَّ كلام لا ظهور له ، وما له ظهور في غير ما أراده

1.قوانين الاُصول : ص۳۹۴ .


اسباب اختلاف الحديث
274

السبب الثالث والثلاثون : تأويل المتشابه

كما أنّ القرآن مشتمل على المحكمات والمتشابهات ، كذلك أحاديث أهل البيت عليهم السلام الذين هم عدل القرآن والحاملون للسنّة المحمدية البيضاء . وهذا التشابه كثيرا ما يوجب الاختلاف بين حديثين متشابهين ، أو أحدهما محكم والآخر متشابه .

۲۷۱.روى الصدوق بإسناده عن حيّون مولى الرضا عليه السلام ، عن الإمام الرضا عليه السلام ، قال :من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم. ثمّ قال عليه السلام : إنَّ في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن، ومحكما كمحكم القرآن ، فردّوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتّبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا . ۱

فيستفاد من هذا الحديث ـ بل نشاهد بالوجدان ـ أنَّ الأحاديث الصادرة عن بيت الوحي والعصمة عليهم السلام بين محكمات ومتشابهات .
وإليك فيما يلي توضيح ذلك مقدِّما في ذلك تعريف التشابه وبيان حقيقته :
المُتشابِه : اسم فاعل من التشابه، مشتقّ من «الشبه» بمعنى المثل . وبما أنَّ التشابه والتماثل بين الشيئين يوجب صعوبة التمييز بينهما ، ويوقِع في الالتباس والاشتباه ، فالمتشابه من القرآن والحديث هو : ما أشكل المقصود منه وتفسيرُه؛ لمشابهته لغيره؛ إمّا من حيث اللفظ، أو من ناحية المعنى، ۲ ولهذا يبتغي منه أهل الزيغ والبدع طريقا إلى الفتن من خلال تأويله .

1.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج۲ ص۲۹۰ ح۳۹ ، الاحتجاج : ج۲ ص۳۸۳ ح۲۸۹ ، بحار الأنوار : ج۲ ص۱۸۵ ح۹ .

2.كما يشهد له قوله تعالى : « أَمْ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَـبَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَــلِقُ كُلِّ شَىْ ءٍ وَ هُوَ الْوَ حِدُ الْقَهَّـرُ » (الرعد : ۱۶ ) .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 221160
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي