301
اسباب اختلاف الحديث

علاج الاختلاف:

لا ريب أن الحياء المُراد به في الحديث الأوّل معنى مذموم بخلافه في الثاني فإنّه ممدوح وليس إلاّ .
غير أنّهما مختلفان في المتعلَّق ، واختلاف حكم الحياءين ووصفهما إنّما نشأ من اختلاف متعلَّقيهما .
فإنَّ الحياء المقتضي للحرمان إنّما هو الحياء والاستحياء من الإتيان بالحقّ ، وهو الّذي يعبّر عنه بالخجل .
وأمّا الحياء الّذي هو مفتاح كلّ خير وسبب كلّ جميل فهو الحياء والانقباض عن كلّ ما يستقبح في الشرع والعقل والعرف . ۱
والشاهد على هذا الجمع الأحاديث المستفيضة في ذلك ، ۲ نشير إلى بعضها :

۲۹۶.الكليني بإسناده المرفوع عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الحياء حياءان : حياء عقل وحياء حمق ، فحياء العقل هو العلم، وحياء الحمق هو الجهل . ۳

۲۹۷.الآمدي في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السلام :من استحيا من قول الحقّ فهو أحمق . ۴

۲۹۸.الحميري بإسناده عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلامقال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : الحياء على

1.والحياء ممّا يُستقبَح في العرف مشروط بعدم حسنه عند العقل والشرع ، وإلاّ فيأتي فيه التفصيل ، وإجماله : أنّ الأمر ـ الّذي ربما يُستقبَح في عرفٍ ـ إن كان واجبا لايجوز تركه بمحض استقباحه عند عرف ، وكذا إذا كان العقل يستقلّ بلزومه ، وإلاّ فيدور أمره بكونه منفِّرا ، اللّهمّ إلاّ فيما كان مخالفة العرف مستلزما لعنوان ثانويّ محرز في الشرع حسب ما سنتكلّم عنه في القسم الرابع من أسباب الاختلاف .

2.منها : روى الكليني بإسناده المرفوع عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «الحياء حياءان : حياء عقل وحياء حمق ، فحياء العقل هو العلم ، وحياء الحمق هو الجهل» (الكافي: ج۲ ص۱۰۶ ح۶ ، بحار الأنوار: ج۷۱ ص۳۳۱ ح۶ مع بيانٍ لطيف ) . وروى الآمدي مرفوعا عن أمير المؤمنين عليه السلام : «من استحيى من قول الحقّ فهو أحمق» (غرر الحكم: ح ۸۶۵۰ ) . وروى الحميري بإسناده عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «الحياء على وجهين : فمنه الضعف؛ ومنه قوّة وإسلام وإيمان» (قرب الإسناد: ص ۲۲ ) .

3.الكافي: ج۲ ص۱۰۶ ح۶ ، بحار الأنوار: ج۷۱ ص۳۳۱ ح۶ مع بيانٍ لطيف .

4.غرر الحكم: ح ۸۶۵۰ .


اسباب اختلاف الحديث
300

لكن قد تكون القيود المأخوذة في الموضوعات من القرائن العامّة المرتكزة في أذهان العرف والتي يعيش معها الراوي، فلا يشعر بحاجة إلى ذكرها باللفظ ؛ لكونها من القضايا العامّة المغروسة في ذهن كلّ إنسان . فلا يتوقّع من الراوي ذكرها، بل لا يراه من وظيفته وبسببه قد يظهر اختلاف صوريّ بين الأحاديث .
وسبيل علاجه هو كشف القيود المذكورة من النصوص الاُخرى ، أو من ملامح نفس البيئة والظروف الّتي صدر فيها النصّ ، أو من العقل . وقد تقدّم بعض ما له علقة بالمقام في بحث «ضياع القرائن» من القسم الأوّل .

المثال الأوّل : الحياء مفتاح كلّ خير أو موجب للحرمان

۲۹۴.۱ . الشريف الرضي قدس سرهـ وغيره ـ عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام :قرنت الهيبة بالخيبة ، والحياء بالحرمان ، والفرصة تمرّ مرّ السحاب ، فانتهزوا فُرَص الخير . ۱

۲۹۵.۲ . الآمدي مرفوعا عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام :الحياء مفتاح كلّ الخير . ۲

مورد الاختلاف:

بينا يدلّ الحديث الأوّل على أنّ «الحياء مَحرَمة ۳ » يدلّ الحديث الثاني على كون الحياء مفتاح كلّ خير ، وأنّه «سبب إلى كلّ جميل» ۴ ، وقد وردت أحاديث كثيرة جدّا في مدح الحياء وكونه من تمام الكرم وأخصّ الشيَم ، وأنّه «لا يأتي إلاّ بخير» ۵ ، إلى غير ذلك .
فكون الحياء مفتاح كلّ خير ـ وسببا إلى كلّ جميل ـ ينافي كونه سببا للحرمان ، فتحقّق الاختلاف بينهما .

1.نهج البلاغة: الحكمة ۲۱ ، تحف العقول: ص۱۳۸ ، الأمالي للطوسي: ص۲۳۸ .

2.غرر الحكم: ح۳۴۰ .

3.غرر الحكم: ح۱۳۹ .

4.تحف العقول : ص۸۴ ، بحار الأنوار: ج۷۷ ص۲۱۱ ح۱ .

5.كنز العمّال: ج۳ ص۱۲۰ ح۵۷۶۳ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 221117
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي