لكن قد تكون القيود المأخوذة في الموضوعات من القرائن العامّة المرتكزة في أذهان العرف والتي يعيش معها الراوي، فلا يشعر بحاجة إلى ذكرها باللفظ ؛ لكونها من القضايا العامّة المغروسة في ذهن كلّ إنسان . فلا يتوقّع من الراوي ذكرها، بل لا يراه من وظيفته وبسببه قد يظهر اختلاف صوريّ بين الأحاديث .
وسبيل علاجه هو كشف القيود المذكورة من النصوص الاُخرى ، أو من ملامح نفس البيئة والظروف الّتي صدر فيها النصّ ، أو من العقل . وقد تقدّم بعض ما له علقة بالمقام في بحث «ضياع القرائن» من القسم الأوّل .
المثال الأوّل : الحياء مفتاح كلّ خير أو موجب للحرمان
۲۹۴.۱ . الشريف الرضي قدس سرهـ وغيره ـ عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام :قرنت الهيبة بالخيبة ، والحياء بالحرمان ، والفرصة تمرّ مرّ السحاب ، فانتهزوا فُرَص الخير . ۱
۲۹۵.۲ . الآمدي مرفوعا عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام :الحياء مفتاح كلّ الخير . ۲
مورد الاختلاف:
بينا يدلّ الحديث الأوّل على أنّ «الحياء مَحرَمة ۳ » يدلّ الحديث الثاني على كون الحياء مفتاح كلّ خير ، وأنّه «سبب إلى كلّ جميل» ۴ ، وقد وردت أحاديث كثيرة جدّا في مدح الحياء وكونه من تمام الكرم وأخصّ الشيَم ، وأنّه «لا يأتي إلاّ بخير» ۵ ، إلى غير ذلك .
فكون الحياء مفتاح كلّ خير ـ وسببا إلى كلّ جميل ـ ينافي كونه سببا للحرمان ، فتحقّق الاختلاف بينهما .