331
اسباب اختلاف الحديث

للشاهد أن يختار ، ولا للغائب أن يردّ ، وإنّما الشورى للمهاجرين والأنصار ، فإن اجتمعوا على رجل وسمّوه إماما كان ذلك للّه رضى، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردّوه إلى ما خرج منه ، فإن أبى قاتلوه على اتّباعه غير سبيل المؤمنين ، وولاّه اللّه ما تولّى . ۱

333.2 . روى الكلينيوالصدوقبإسنادهما عن عبد العزيز بن مسلم ، قال :كنّا في أيّام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام بمرو، فاجتمعنا في مسجدِ جامعِها في يوم جمعة في بدء مقدمنا، فأدار الناس أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيّدي ومولاي الرضا عليه السلام فأعلمته ما خاض الناس فيه ، فتبسّم، ثم قال : يا عبدالعزيز، جهل القوم وخُدعوا عن أديانهمـ إلى أن قال عليه السلام : ـ فمن زعم أنَّ اللّه عز و جللم يكمل دينه فقد ردّ كتاب اللّه عز و جل ، ومن ردّ كتاب اللّه فهو كافر ، هل يعرفون قدر الإمامة ومحلّها من الاُمّة فيجوز فيها اختيارهم؟! إنَّ الإمامة أجلّ قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماما باختيارهم . ـ إلى أن قال عليه السلام ـ راموا إقامة الإمام بعقول حائرة بائرة ناقصة ، وآراء مضلّة، فلم يزدادوا منه إلاّ بعدا ، قاتلهم اللّه أنّى يؤفكون ، لقد راموا صعبا ، وقالوا إفكا وضلّوا ضلالاً بعيدا . ووقعوا في الحيرة ؛ إذ تركوا الإمام عن بصيرة ، « وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَـنُ أَعْمَــلَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَ كَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ » 2 .
رغبوا عن اختيار اللّه واختيار رسوله صلى الله عليه و آله وأهل بيته إلى اختيارهم، والقرآن يناديهم : « وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَ يَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَـنَ اللَّهِ وَ تَعَــلَى عَمَّا يُشْرِكُونَ » 3 . وقال عز و جل : « وَ مَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْرًا أَن

1.نهج البلاغة: الكتاب ۶ ، وقعة صفّين : ص۲۹ وفيه «رغبة » بدل «بدعة » ، تاريخ دمشق : ج۵۹ ص۱۲۸ ، الإمامة والسياسة لابن قتيبة: ج۱ ص۱۱۳ ، العقد الفريد: ج۲ ص۲۸۴ وج ۴ ص۳۲۲ ، تاريخ الاُمم والملوك: ج۵ ص۲۳۵ ، تذكرة الخواصّ: ص۸۲ .

2.العنكبوت: ۳۸.

3.القصص: ۶۸ .


اسباب اختلاف الحديث
330

السبب الثالث والأربعون : مجاراة الخصم على مسلّماته

قد يحيد المتكلّم عن إقامة البرهان ، ويعتمد على طريق «الجدل ومجاراة الخصم على مسلّماته»؛ كي يفهمه في نفسه، أو يفحمه عند غيره .
والداعي لاستخدام هذا الاُسلوب هو أنّ المُتكلّم قد يجد في خصمه ما يمنعه عن قبول البرهان على ما يكون هو عليه ، أو يرى أنّ إقامة الحجّة عليه تحتاج إلى مقدّمات دقيقة أو طويلة لايستطيع هو على فهمها أو تحمّلها ، أو يكون المتكلّم في حال التقيّة أو نحوها ممّا يمنعه عن ذكر بعض مبادئ البرهان، أو نحو ذلك. ففي مثل ذلك يحتجّ على الخصم أو يردّ عليه ببعض مسلّماته. ۱
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّه قد وردت بعض أحاديث العترة الطاهرة عليهم السلام على هذا الاُسلوب لمحض إفهام المخاطب أو إفحامه من دون اعتقاد منهم عليهم السلام بمفاده ، فيقع الاختلاف بينها وبين الأحاديث المبيّنة لحاقّ معتقدهم .

المثال الأوّل : عدم توقّف الإمامة على الإجماع والبيعة

۳۳۲.۱ . روى الشريف الرضي قدس سره كتاب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية بن أبي سفيان، وفيه :إنّه بايعني القوم الّذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن

1.قسَّم بعض المنطقيّين ـ موادَّ القضايا إلى اليقينيّات وغير اليقينيّات ، ثمّ غيرَ اليقينيّات إلى المشهورات والمسلّمات وغيرهما، ثمّ عرّف «المسلَّمات» بأنّها : «قضايا تُسلَّم من الخصم فيُبنى عليها الكلام لدفعه . . . والقياس المؤلّف من هذين النوعين ـ يعني المشهورات والمسلّمات ـ يُسمّى جدلاً، والغرض منه : إقناع القاصر عن إدراك البرهان وإلزام الخصم» (شرح الشمسية: ص۱۸۱ ، وراجع الجوهر النضيد: ص۱۹۸ ، شرح المنظومة: ص۱۰۰ ) .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 221145
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي