۴۰۹.۲ . وبإسناده عن عبدالملك بن عتبة، عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام ، قال:سالته عن القراطيس تجتمع، هل تحرق بالنار وفيها شيء من ذكر اللّه ؟ قال : لا ، تغسل بالماء أوّلاً قبلُ . ۱
۴۱۰.۳ . عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :لو جعل القرآن في إهاب ثمّ اُلقي في النار ما احترق . ۲
مورد الاختلاف:
الحديثان الأوّلان ينهيان عن إحراق كتاب اللّه وذكر اللّه ، والمراد منهما هو القرآن، والنهي لا يتعلّق بالمحال ، فيدلاّن بالدلالة الالتزامية على إمكان إحراق القرآن بالنار تكوينا وعدم جوازه تشريعا ، بل المشاهدة بالعيان شاهدة على إمكان إحراقه والعياذ باللّه تعالى ، مع دلالة الحديث الثاني على أنّه لو جعل القرآن في إهاب ثم اُلقي في النار لما أحرقته النار .
علاج الاختلاف :
بحمل الحديث الثالث على الاستعارة بنوع من التواضع في التعبير ، ۳ والعلاقة بين الإهاب وجسم الحافظ للقرآن هي مشابهتهما في الظرفية ، فاستعير لفظ الإهاب المجعول فيه القرآن عن الإنسان الّذي وفّقه اللّه تعالى لحفظ القرآن على قلبه ووعيه له في جوفه . وفيه إشعار ۴ بأنّه إذا كان الإهاب المملوء بالقرآن مصونا من الاحتراق بالنار، فالعبد الّذي جعل جوفه ظرفا للقرآن أولى بذلك ، وهذا هو الّذي أشرنا إليه من مقرونية الاستعارة بنوع من التواضع ، كما عبّر اللّه تعالى بقوله : « عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ »۵ و « عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ »۶ . حول معنى « علمت نفس ما. . . » ، راجع بيان الزمخشري في الكشّاف ذيل الآية .