403
اسباب اختلاف الحديث

إذا عرفت حقيقة التوجيه فاعلم أنّه من أسباب توهّم الاختلاف بين الأحاديث بعضها مع بعض وأكثر ما يقع في باب التقيّة، لا سيّما التعبير عن حال وفِعال الظالمين . . . !

المثال الأوّل : حديث آل محمّد صلى الله عليه و آله صعب مستصعب

۴۲۴.۱ . الحسن بن سليمان الحلّي، عن الصفّار، بإسناده عن أبي الصامت ، قال :قال أبو عبد اللّه عليه السلام : حديثنا صعب مستصعب شريف كريم ذكوان ذكيّ وعر، لايحتمله ملك مقرّب، ولا نبيّ مرسل، ولا مؤمن ممتحن . قلت : فمن يحتمله جعلت فداك ؟ قال : من شئنا يا أبا الصامت . ۱

۴۲۵.۲ . الكليني عن محمّد بن يحيى وغيره، عن محمّد بن أحمد، عن بعض أصحابنا ، قال :كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام : جعلت فداك ما معنى قول الصادق عليه السلام : حديثنا لا يحتمله ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان ؟ فجاء الجواب : إنّما معنى قول الصادق عليه السلام ـ أي : لا يحتمله ملك ولا نبيّ ولا مؤمن ـ أنّ الملك لا يحتمله حتّى يخرجه إلى ملك غيره، والنبيّ لا يحتمله حتّى يخرجه إلى نبيّ غيره، والمؤمن لا يحتمله حتّى يخرجه إلى مؤمن غيره ، فهذا معنى قول جدّي عليه السلام . ۲

مورد الاختلاف :

الحديث الأوّل يدلّ بظاهره الجليّ على أنّ لأهل البيت عليهم السلام من الفضل والعلم ما لا يحتمله أحد حتّى الملك المقرَّب والنبيّ المرسل ، كما حقّقناه في المثال الرابع من السبب الثامن «تشكيك العناوين» وفي السبب السادس والأربعين «تكليم المخاطبين على قدر عقولهم» .
مع أنّ الحديث الثاني يدلّ على أنّ أحاديثهم الصعبة المستصعبة لا يحتملها ملك ولا نبيّ ولا مؤمن حتّى يخرجوها إلى ملك أو نبيّ أو مؤمن مثلهم، فالاختلاف بينهما واضح .

1.مختصر بصائر الدرجات: ص۱۲۴ والحديث الّذي يليه ، بصائر الدرجات : ص ۴۲ ح ۱۰ و بمضمونه ح ۱۱ و ۱۵ و ۱۶ .

2.الكافي: ج۱ ص۴۰۱ ح۴ ، معاني الأخبار: ص۱۸۸ ح۱ .


اسباب اختلاف الحديث
402

السبب الخامس والخمسون : التوجيه

التوجيه ـ أو الإيهام ۱ كما عبّر به عنه بعض أهل البلاغة ـ : هو أن يؤتى بكلام يحتمل معنيين مختلفين على السواء ـ كهجو ومدح ، أو دعاء للمخاطب وعليه ـ لِيبلغ القائل غرضَه بما لا يُحتجّ به عليه ، أو يرضي بعض المخاطبين بما يموّه عليه ويهدي غيره إلى واقع غرضه . ۲
قال السكّاكي في تعريفه : «التوجيه: هو إيراد الكلام محتملاً لوجهين مختلفين، كقول من قال للأعور : ليت عينيه سواء . . . وقوله سبحانه وتعالى : «وَ إِنّا أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ »۳ » ۴ .
وكما يكون التوجيه مجملاً للمخاطب أحيانا ، يمكن أن لايكون كذلك ، والمعيار فيه هو بلوغ القائل إلى غرضه بما لا يحتجّ به عليه . فقد يكون الكلام خاليا من القرائن المعيّنة للمعنى المُراد ، لكنّ الاتّجاه الفكري للمتكلّم يكون هو القرينة المعيّنة، الموجبة لظهور كلامه عند من يعرف اتّجاهه ، نظير ما نقله ابن قتيبة من أنّ رجلاً من الخوارج لقي رجلاً من شيعة عليّ عليه السلام «فقال له: واللّه لا اُفارقك حتّى تبرَّأ من عثمان وعليّ أو أقتلك . فقال : أنا واللّه من عليّ ومن عثمان بريء، فتخلّص منه، وإنّما أراد أنا من علي أنّه يتولاّه » ۵ .

1.تقدّم في بحث التورية أنّ السكّاكي والخطيب سمّيا التورية بالإيهام .

2.لمعرفة الفرق بين التورية والتوجيه راجع كتب البلاغة، منها : جواهر البلاغة : ص۳۸۴ .

3.سبأ : ۲۴ .

4.مفتاح العلوم : ص ۱۸۰ .

5.تأويل مختلف الحديث : ص ۳۹ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 221139
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي