إذا عرفت حقيقة التوجيه فاعلم أنّه من أسباب توهّم الاختلاف بين الأحاديث بعضها مع بعض وأكثر ما يقع في باب التقيّة، لا سيّما التعبير عن حال وفِعال الظالمين . . . !
المثال الأوّل : حديث آل محمّد صلى الله عليه و آله صعب مستصعب
۴۲۴.۱ . الحسن بن سليمان الحلّي، عن الصفّار، بإسناده عن أبي الصامت ، قال :قال أبو عبد اللّه عليه السلام : حديثنا صعب مستصعب شريف كريم ذكوان ذكيّ وعر، لايحتمله ملك مقرّب، ولا نبيّ مرسل، ولا مؤمن ممتحن . قلت : فمن يحتمله جعلت فداك ؟ قال : من شئنا يا أبا الصامت . ۱
۴۲۵.۲ . الكليني عن محمّد بن يحيى وغيره، عن محمّد بن أحمد، عن بعض أصحابنا ، قال :كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام : جعلت فداك ما معنى قول الصادق عليه السلام : حديثنا لا يحتمله ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان ؟ فجاء الجواب : إنّما معنى قول الصادق عليه السلام ـ أي : لا يحتمله ملك ولا نبيّ ولا مؤمن ـ أنّ الملك لا يحتمله حتّى يخرجه إلى ملك غيره، والنبيّ لا يحتمله حتّى يخرجه إلى نبيّ غيره، والمؤمن لا يحتمله حتّى يخرجه إلى مؤمن غيره ، فهذا معنى قول جدّي عليه السلام . ۲
مورد الاختلاف :
الحديث الأوّل يدلّ بظاهره الجليّ على أنّ لأهل البيت عليهم السلام من الفضل والعلم ما لا يحتمله أحد حتّى الملك المقرَّب والنبيّ المرسل ، كما حقّقناه في المثال الرابع من السبب الثامن «تشكيك العناوين» وفي السبب السادس والأربعين «تكليم المخاطبين على قدر عقولهم» .
مع أنّ الحديث الثاني يدلّ على أنّ أحاديثهم الصعبة المستصعبة لا يحتملها ملك ولا نبيّ ولا مؤمن حتّى يخرجوها إلى ملك أو نبيّ أو مؤمن مثلهم، فالاختلاف بينهما واضح .