علاج الاختلاف :
لا يصحّ علاج هذا الاختلاف في حاقّ الأمر بحمل المطلق على المقيّد ؛ لعدم وجود مبرِّر لمثل هذا الإطلاق المراد به وجه التقييد ، مضافا إلى مخالفته لمستفيض من الأحاديث ، كما ذكرنا أو أشرنا إلى مجموعة منها في البحثين المشار إليهما . والعلاج الوحيد الحاسم هو حمل الحديث الثاني على التوجيه ؛ تقيّة لصالح الراوي السائل لما رأى الإمام عليه السلام قلّة تحمّله لذلك ، لأنّهم عليهم السلام كانوا مأمورين بأن يكلّموا الناس على قدر عقولهم وتحمّلهم . فلأجل ذلك حمل الإمام عليه السلام حديث جدّه الأطيب عليه السلام على وجه صحيح في نفسه، غير مراد منه في حاقّ معناه ؛ لأنّ تفاضل مراتب أحاديثهم الصعبة المستصعبة يقتضي وجود أحاديث لا تكون بتلك الصعوبة . والشاهد على ذلك كما أشرنا إليه آنفا أحاديث كثيرة ، منها :
۴۲۶.ما رواه الكليني بإسناده عن محمّد بن عبد الخالق وأبي بصير ، قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام : يا أبا محمّد ، إنّ عندنا واللّه سرّا من سرّ اللّه ، وعلما من علم اللّه ، واللّه ما يحتمله ملك مقرّب، ولا نبيّ مرسل، ولا مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان، واللّه ما كلّف اللّه ذلك أحدا غيرنا، ولا استعبد بذلك أحدا غيرنا، وإنّ عندنا سرّا من سرّ اللّه ، وعلما من علم اللّه ، أمرنا اللّه بتبليغه ، فبلّغنا عن اللّه عز و جلما أمرنا بتبليغه ، فلم نجد له موضعا ولا أهلاً ولا حمالة يحتملونه، حتّى خلق اللّه لذلك أقواما؛ خُلقوا من طينة خُلق منها محمّد وآله وذرّيتّه عليهم السلام ، ومن نور خلق اللّه منه محمدا وذرّيّته، وصنعهم بفضل رحمته الّتي صنع منها محمّدا وذرّيّته . . . ۱
المثال الثاني : إبلاغ أميرالمؤمنين عليه السلام سورة براءة وردّ أبي بكر
۴۲۷.۱ . السيّد ابن طاووس عن كتاب حسن بن أشناس، بإسناده عن حسين بن زيدقال :حدثني جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهم السلام ، قال: لمّا سرّح رسول اللّه صلى الله عليه و آله أبا بكر بأوّل سورة براءة إلى أهل مكّة ، أتاه جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمّد، إنّ اللّه يأمرك ألاّ تبعث هذا، وأن تبعث عليّ بن أبيطالب ، وأنّه لايؤدّيها عنك غيره. فأمر النبي صلى الله عليه و آله عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فلحقه