۱۹.ما رواه الصدوق بإسناده عن داوود بن فرقد، قال :سمعت أبا عبد اللّه عليهم السلام يقول : أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا ، إنّ الكلمة لتنصرف على وجوه ، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ، ولا يكذب . ۱
۲۰.وكذا ما رواه ابن إدريس ـ نقلاً عن كتاب مسائل الرجال لعليّ بن محمّد (بإسناده) ـ أنّ محمّد بن عليّ بن عيسى كتب إليه ، يسأله عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك عليهم السلامقد اختلف علينا فيه ، فكيف العمل به على اختلافه، أو الردّ إليك فيما اختلف فيه؟ فكتب عليه السلام : ما علمتم أنّه قولنا فالزموه ، وما لم تعلموا فردّوه إلينا . ۲
ونحوهما من الروايات الجمّة ۳ الّتي لا يسع المجال لنقلها .
والملاحظ في هذا الحديث أنّ ما علم كونه من قولهم وجب الالتزام به ، وما لم يعلم أنّه منهم رُدَّ علمه وأمره إليهم .
1.معاني الأخبار : ص۱ ح۱ ، وسائل الشيعة : ج۲۷ ص۱۱۷ ح۳۳۳۶۰ .
2.السرائر : ج۳ ص۵۸۴ ، وسائل الشيعة : ج۲۷ ص۱۱۷ ح۳۳۳۶۹ .
3.ومن لطيف ما ورد في هذا المعنى ما حكاه ابن شهر آشوب عن أبي القاسم الكوفي: أنّ إسحاق الكندي ـ فيلسوف العراق في زمانه ـ كان قد أخذ في تأليف تناقض القرآن، وشغل نفسه بذلك، وتفرّد به في منزله ، وأنّ بعض تلامذته دخل يوما على الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، فقال له أبو محمّد عليه السلام : أما فيكم رجل رشيد يردع اُستاذكم الكندي عمّا أخذ فيه من تشاغله بالقرآن ؟ فقال التلميذ : نحن من تلامذته، كيف يجوز منّا الاعتراض عليه في هذا أو في غيره ؟! فقال له أبو محمّد : أتؤدّي إليه ما اُلقيه إليك ؟ قال : نعم . قال : فصِر إليه وتلطّف في مؤانسته ومعونته على ما هو بسبيله ، فإذا وقعت الاُنسة في ذلك فقل: قد حضرتني مسألة أسألك عنها ، فإنّه يستدعي ذلك منك، فقل له : إن أتاك هذا المتكلّم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون مراده بما تكلّم منه غير المعاني الّتي قد ظننتها أنّك ذهبت إليها؟ فإنّه سيقول لك : إنّه من الجائز؛ لأنّه رجل يفهم إذا سمع ، فإذا أوجب ذلك فقل له : فما يدريك لعلّه قد أراد غير الّذي ذهبت أنت إليه، فيكون واضعا لغير معانيه . فصار الرجل إلى الكندي، وتلطّف، إلى أن ألقى عليه هذه المسألة ، فقال له : أعد عليّ . فأعاد عليه، فتفكّر في نفسه ورأى ذلك محتملاً في اللغة، وسائغا في النظر، فقال : أقسمت عليك إلاّ أخبرتني من أين لك ؟ فقال : إنّه شيء عرض بقلبي فأوردته عليك . فقال: كلاّ، ما مثلك من اهتدى إلى هذا، ولا من بلغ هذه المنزلة ، فعرِّفني من أين لك هذا ؟ فقال : أمرني به أبو محمّد. فقال : الآن جئت به ، وما كان ليخرج مثل هذا إلاّ من ذلك البيت . ثمّ إنّه دعا بالنار وأحرق جميع ما كان ألّفه . ( مناقب آل أبي طالب: ج۳ ص۵۲۵ ) .