العلاج السندي
في ما لو كان الاختلاف بينها بتنافٍ كلّي لايقبل الجمع العرفي ـ أعني التصرّف الكيفي أو الكمّي ـ وحينئذٍ لابدّ من : ترجيح أحدهما بشيء من المرجّحات المنصوصة أو غيرها ـ على اختلاف في المسألة ـ فيطرح الطرف الآخر . هذا إذا أمكن الترجيح . وإن لم يمكن الترجيح ـ بملاك أقوائيّة الوثوق بصدوره ـ فالأصل الأوّلي فيه التساقط . لكنّ المستفاد من الروايات الواردة هو التخيير بينهما، وعليه المشهور .
عاشرا : منهجنا في الكتاب
هذا الّذي بين يديك أيّها القارئ الكريم نتيجة ما كنت أواجهه طيلة دراستي للحديث والفقه والتفسير المأثورَين ، مضافا إلى التتبّع والبحث المباشر في الموضوع بعد ماأزمعت على التحقيق فيه طيلة سنوات؛ بمطالعة كتب، أو تصفّحها، أو بالفحص الكمبيوتري .
وعمدة الأسباب الّتي أفردتها وذكرتها مشفوعة بالشواهد والأمثلة والمباحث التحليلية إنما هي حول أرضية تكوّنها ، وأثرها في إيجاد الاختلاف ، ونوعِ الاختلاف الحاصل بسببها ، ومنهجِ علاجه ، وسائر ما يتعلّق به. مراعيا في ذلك الإيجاز الوافي بالغرض غير المُخلّ به .
وبمّا أنّ البحث عن أسباب اختلاف الحديث من شؤون فقه الحديث والمباحث الحديثية بما هي هي لا بما هو بحث موضوعي فقهي ، كان المنهج الّذي اتبعته في علاج الاختلاف هو ما يعمّ مقامي الإثبات والثبوت ، فلا يُشكل عليّ من ناحية ما ربما اُعالج بين المختلفين بالجمع الدلالي قبل إحراز الوثوق بصدورهما، أو بالجمع التبرّعي ، وقد ذكرت سرّه في الأمر التاسع .
ومرادنا من أسباب اختلاف الحديث هو كلّ ما يُسبّب الاختلاف بين الأحاديث بنحو مباشر ، دون ما يعتبر من دواعي الاختلاف وأرضيّاته ، كتعمّد الكذب ، أو النسيان ، أو الغلوّ، أو العصبية والتعصّب المذهبي، أو قلّة الخبرة بمؤهَّلات التحديث ، أو بساطة قواعد رسم الخطّ ،