495
اسباب اختلاف الحديث

مورد الاختلاف :

دلالة كلّ من الحديثين على نزول آية « وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ » في قضيّة وزمان غير ما دلّ عليه الآخر .

علاج الاختلاف :

يعلم ممّا تقدّم .
قال العلاّمة الطباطبائي : « تحتمل الرواية نزول الآية وحدها بعد نزول بقيّة آيات السورة قبلها ثمّ الإلحاق، وتحتمل نزولها وحدها ثانياً» ۱ .
أقول : كلّ من الحديثين الأوّلين يدلّ على نزول السورة عقيب قضيّة غير ما يدلّ عليه الآخر ، فيحملان على احتمال تكرّر النزول ، أو على نزولها عقيب القضيّتين معا، ولم أتثبّت أنّ خولة الخادمة كانت تخدمه صلى الله عليه و آله في مكّة أم في المدينة ، فإن اُحرِز الثاني فلا يبقى إلاّ الوجه الأوّل أو طرح الرواية الثانية بضعفها .
وأمّا الحديث الثالث فلا يدلّ على أكثر من قراءته صلى الله عليه و آله للسورة في تلك القضيّة ، فتنبّه . وسنتكلّم عنه في البحث عن «التباس موارد الجري بموارد النزول» وسببيّته لاختلاف الحديث .
تنبيه : لا يخفى أنّ قول الصحابة والتابعين بنزول بعض الآيات أو السور في قضيّة كذا ربما كان معتمدا على اجتهادهم في مقام التطبيق ، لا على نقلهم لسبب النزول ، ولهذا قلّما يتّفق في موارد الاختلاف الوثوق والإذعان بتكرّر النزول ولو مع الوثوق بصدور الروايات عن الصحابة والتابعين .
وإليك كلمة قيّمة للزركشي : «العالم قد يحدث له حوادث فيتذكَّر أحاديث وآيات تتضمَّن الحكم في تلك الواقعة ، وإن لم تكن خطرت له تلك الحادثة قبلُ مع حفظه لذلك النصّ، وما يذكره المفسّرون من أسباب متعدّدة لنزول الآية قد يكون من هذا الباب ، لا سيّما

1.الميزان في تفسير القرآن : ج۲۰ ص۳۱۲ .


اسباب اختلاف الحديث
494

المثال الرابع : احتباس الوحي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله لأيّام

۵۱۶.1 . ما دلّ على نزول آية «الروح» بمكّة عقيب سؤال المشركين أسئلة ثلاثة، منها السؤال عن الروح ، فوعدهم النبيّ الكريم صلى الله عليه و آله بنزول وحي في ذلك ، ولم يستثنِ، فاحتبس عنه الوحي لأيّام، فاغتمّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فسلاّه اللّه وأرضاه بنزول سورة « و الضحى » ۱ .

۵۱۷.۲ . الطبراني عن حفص بن سعيد القرشي ، قال :حدّثتني اُمّي ـ عن أُمّها ـ وكانت خادم رسول اللّه صلى الله عليه و آله ـ أنّ جروا دخل البيت ودخل تحت السرير ومات ، فمكث نبي اللّه صلى الله عليه و آله أربعة أيّام لا ينزل عليه الوحي ، فقال : يا خولة ، ما حدث في بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، جبريل لايأتيني ؟ ! فهل حدث في بيت رسول اللّه حدَث ؟ فقلت : ما أتى علينا يوم خير من يومنا ، فأخذ برده فلبسه وخرج ، فقلت : لو هيّأتُ البيت وكنسته ، فأهويتُ بالمكنسة تحت السرير ، فإذا شيء ثقيل، فلم أزل حتّى أخرجته ، فإذا بجرو ميّت ، فأخذته بيدي فألقيته خلف الدار ، فجاء نبي اللّه صلى الله عليه و آله ترعد لحييه ـ وكان إذا أتاه الوحي أخذته الرعدة ـ فقال : يا خولة دثّريني ، فأنزل اللّه عليه « وَ الضُّحَى * وَ الَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ مَا قَلَى »۲ . ۳

۵۱۸.۳ . في كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن تفسير الثعلبي، عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام، وتفسير القشيري عن جابر الأنصاري، وفي مجمع البيان ـ واللفظ للأخير ـ عن الصادق عليه السلام ، قال :دخل رسول اللّه صلى الله عليه و آله على فاطمة عليهاالسلام وعليها كساء من ثلّة الإبل وهي تطحن بيدها وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله لما أبصرها، فقال : يا بنتاه تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة فقد أنزل اللّه عليّ : « وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى » . ۴

1.راجع الدرّ المنثور ذيل السورة .

2.الضحى : ۱ ـ ۳ .

3.المعجم الكبير : ج۲۴ ص۲۴۹ ح۶۳۶ ، أسباب نزول الآيات : ص۴۸۲ ح۸۶۰ نحوه ، الدرّ المنثور: ج۸ ص۵۴۱ نقلاً عن ابن أبي شيبة والطبراني وابن مردويه .

4.المناقب لابن شهر آشوب : ج۳ ص۱۲۰ ، مجمع البيان : ج۱۰ ص۷۶۵ ، مكارم الأخلاق : ج۱ ص۲۵۵ ح۷۶۵ و ص۵۰۳ ح۱۷۳۹ ، التمحيص : ص۶ ، بحار الأنوار : ج۴۳ ص۸۶ ح۸ ، نور الثقلين: ج۵ ص۵۹۵ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 221230
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي