المثال الثالث : فضل داوود عليه السلام على لقمان عليه السلام
كثير من الروايات المشتملة على القصص، والروايات التأريخية ؛ فهي ـ مضافا إلى كونها من مظانّ الجعل والدسّ ـ مما راج فيه النقل بالمعنى ، كما أنّ الاختلاف الناشئ منه فيها أيضا متوقّع بل كثير الوقوع ، حيث نلاحظ في كثير ممّا ورد في هذا المضمار ـ لاسيما في قصص الأنبياء ـ الشذوذ والمنافاة للقرآن الكريم والسنّةِ القطعية والعقل ، وإليك انموذجا منها :
۳۰.۱ . قال السيوطي في الدرّ المنثور :أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاُصول، عن أبي مسلم الخولاني، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إنّ لقمان كان عبدا كثير التفكّر ، حسن الظنّ، كثير الصمت ، أحبّ اللّه فأحبّه اللّه تعالى ، فمنّ عليه بالحكمة ، نودي بالخلافة قبل داوود عليه السلام ، فقيل له : يا لقمان! هل لك أن يجعلك اللّه خليفة تحكم بين الناس بالحقّ؟ قال لقمان : إن أجبرني ربّي قبلت؛ فإني أعلم أنّه إن فعل ذلك أعانني، وعلّمني، وعصمني ، وإن خيّرني ربّي قبلت العافية ، ولم أسأل البلاء . فقالت الملائكة : لم يا لقمان ؟ قال: لأنّ الحاكم بأشدّ المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كلّ مكان، فيخذل أو يعان ، فإن أصاب فبالحريّ أن ينجو ، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنّة. ومن يكون في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفا ضائعا ، ومن يختار الدنيا على الآخرة فاتته الدنيا، ولا يصير إلى ملك الآخرة . فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة، فغُطّ بالحكمة غطّا ، فانبته فتكلّم بها . ثمّ نودي داوود عليه السلام بعده بالخلافة، فقبلها ولم يشترط شرط لقمان، فأهوى في الخطيئة . ۱
۳۱.2 . الأحاديث المتواترة إجمالاً ـ مضافا لآيات الكتاب العزيز ـ الدالّة على عصمة أنبياء اللّه تعالى، ومن ناله عهد إلهي ومنصب من مناصبه سبحانه ، وكذا ما دلّ على كون حجّة اللّه تعالى وصفوته للنبوّة والخلافة الإلهية أفضل الناس في زمانه .