الوجه ، ولا تقل: قبّح اللّه وجهك ووجه من أشبه وجهك؛ فان اللّه تعالى خلق آدم على صورته ۱ . ۲
وأمَّا طول آدم فقد ورد في مستفيض من الأحاديث الواردة عن النبيّ صلى الله عليه و آله وأوصيائه عليهم السلام ، ۳ فيُطمأنّ بأصل صدوره عن بيت الوحي والعصمة .
۵۴.منها :ما رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزّاق عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه و آله قال : يدخل أهل الجنّةِ الجنّةَ جُردا مُردا بيضاءَ جِعادا مُكحَّلين أبناءَ ثلاثٍ وثلاثين على خلق آدم؛ طوله ستون ذراعا، في عَرضِ سبعِ أذرُع . ۴
فإن قلت : كون قامته عليه السلام ستّين أو سبعين ذراعا ممّا لا يقبله العقل .
قلت : مضافا إلى أنّ العقل لايجد أيَّ محذور ولا استحالة في إمكان ذلك ، لحكم العقل بإطلاق قدرته تعالى، وكونه هو «الَّذِى خَلَقَ فَسَوَّى * وَ الَّذِى قَدَّرَ فَهَدَى»۵ ؛ إنّ بعض آيات القرآن الكريم يُشعِر بكون الناس في القرون السالفة أطول منهم في الأزمنة المتأخّرة حيث يقول عزّ من قائل : «فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ»۶ .
بيانه أنّه لا حُسن في تشبيه قوم عاد ـ المهلَكين بعذاب اللّه تعالى، المقطوعة رؤوسهم بالريح الصرصر العاتية ـ بأعجاز نخل خاوية سوى الإشارة إلى طول قاماتهم ، والقول بابتنائه على المبالغة، لا يمنع عن ذلك ؛ لأنّ المبالغة خلاف الأصل، وصرف اللفظ عن
1.مسند ابن حنبل : ج۳ ص۵۵ ح۷۴۲۴ .
2.قال ابن حجر العسقلاني : قال الطبراني في كتاب السنّة: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل قال: قال رجل لأبي: إنّ رجلاً قال: خلق اللّه آدم على صورته؛ أي صورة الرجل. فقال: كذب، هو قول الجهميّة. انتهى. وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد، وأحمد من طريق ابن عجلان عن سعيد، عن أبي هريرة مرفوعا : «لا تقولنّ: قبّح اللّه وجهك ووجه من أشبه وجهك؛ فإنّ اللّه خلق آدم على صورته» ، وهو ظاهر في عود الضمير على المقول له ذلك . وكذلك أخرجه ابن أبي عاصم أيضا من طريق أبي رافع، عن أبي هريرة بلفظ : «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه؛ فإنّ اللّه خلق آدم على صورة وجهه» (فتح الباري : ج۵ ص۱۸۳ ) .
3.شرح اُصول الكافي: ج۱۲ ص۳۱۶ ح۳۰۸ ؛ الجواهر السنيّة : ص۳۱۶ .
4.المصنّف ـ لابن أبي شيبة : ج۸ ص۷۵ ح۵۳ ، وراجع المصنّف لعبد الرزّاق : ج۱۱ ص۴۱۶ ح۲۰۸۷۲ .
5.الأعلى : ۲ و ۳ .
6.الحاقّة : ۷ .