375
نهج الدعاء

فَبَينا هُوَ يَمشي إذ صادَفَهُ راهِبٌ يَمشي فِي الطَّريقِ ، فَحَمِيَت عَلَيهِمَا الشَّمسُ ، فَقالَ الرّاهِبُ لِلشّابِّ : اُدعُ اللّهَ يُظِلَّنا بِغَمامَةٍ ؛ فَقَد حَمِيَت عَلَينَا الشَّمسُ . فَقالَ الشّابُّ : ما أعلَمُ أنَّ لي عِندَ رَبّي حَسَنَةً فَأَتَجاسَرَ عَلى أن أسأَلَهُ شَيئا! قالَ : فَأَدعو أنَا وتُؤَمِّنُ أنتَ ؟ قالَ : نَعَم . فَأَقبَلَ الرّاهِبُ يَدعو وَالشّابُّ يُؤَمِّنُ ، فَما كانَ بِأَسرَعَ مِن أن أظَلَّتهُما غَمامَةٌ ، فَمَشَيا تَحتَها مَلِيّا مِنَ النَّهارِ ، ثُمَّ تَفَرَّقَتِ الجادَّةُ جادَّتَينِ ، فَأَخَذَ الشّابُّ في واحِدَةٍ وأخَذَ الرّاهِبُ في واحِدَةٍ ، فَإِذَا السَّحابَةُ مَعَ الشّابِّ .
فَقالَ الرّاهِبُ : أنتَ خَيرٌ مِنّي ، لَكَ استُجيبَ ولَم يُستَجَب لي ، فَأَخبِرني ما قِصَّتُكَ ؟ فَأَخبَرَهُ بِخَبَرِ المَرأَةِ ، فَقالَ : غُفِرَ لَكَ ما مَضى حَيثُ دَخَلَكَ الخَوفُ ، فَانظُر كَيفَ تَكونُ فيما تَستَقبِلُ . ۱

12 / 4

اِستِجابَةُ دُعاءِ رَجُلٍ عابِدٍ

۱۰۸۲.الإمام الباقر عليه السلام :إنَّ إبراهيمَ عليه السلام خَرَجَ ذاتَ يَومٍ يَسيرُ بِبَعيرٍ ، فَمَرَّ بِفَلاةٍ ۲
مِنَ الأَرضِ فَإِذا هُوَ بِرَجُلٍ قائِمٍ يُصَلّي قَد قَطَعَ الأَرضَ إلَى السَّماءِ طولُهُ ، ولِباسُهُ شَعرٌ ، قالَ : فَوَقَفَ عَلَيهِ إبراهيمُ عليه السلام وعَجِبَ مِنهُ وجَلَسَ يَنتَظِرُ فَراغَهُ ، فَلَمّا طالَ عَلَيهِ حَرَّكَهُ بِيَدِهِ فَقالَ لَهُ : إنَّ لي حاجَةً فَخَفِّف . قالَ : فَخَفَّفَ الرَّجُلُ وجَلَسَ إبراهيمُ عليه السلام .
فَقالَ لَهُ إبراهيمُ عليه السلام : لِمَن تُصَلّي ؟ فَقالَ : لاِءِلهِ إبراهيمَ . فَقالَ لَهُ : ومَن إلهُ إبراهيمَ ؟ فَقالَ : الَّذي خَلَقَكَ وخَلَقَني . فَقالَ لَهُ إبراهيمُ عليه السلام : قَد أعجَبَني نَحوُكَ ، وأنَا اُحِبُّ أن اُواخِيَكَ فِي اللّهِ ، أينَ مَنزِلُكَ إذا أرَدتُ زِيارَتَكَ ولِقاءَكَ ؟ فَقالَ لَهُ الرَّجُلُ : مَنزِلي خَلفَ

1.الكافي : ج ۲ ص ۶۹ ح ۸ عن أبي حمزة الثمالي ، بحار الأنوار : ج ۱۴ ص ۵۰۷ ح ۳۲ و ج ۷۰ ص ۳۶۱ ح ۶ .

2.الفلاة : القفر من الأرض ، وقيل : هي التي لا ماء فيها . وقيل : هي الصحراء الواسعة (لسان العرب : ج ۱۵ ص ۱۶۴ «فلا») .


نهج الدعاء
374

عِندَ رُؤوسِهِما بِإِنائي كَراهِيَةَ أن اُورِقَهُما ۱ واُوذِيَهُما ، حَتَّى استَيقَظا مِن قِبَلِ أنفُسِهِما فَسَقَيتُهُما كَما كُنتُ أفعَلُ . اللّهُمَّ إن كُنتَ تَعلَمُ أنّي فَعَلتُ ذلِكَ مِن مَخافَتِكَ فَافرِج عَنّا . فَانصَدَعَ الجَبَلُ عَنهُم فَخَرجوا يَتَزَلزَلونَ ۲ . ۳

12 / 3

اِستِجابَةُ دُعاءِ الشّابِّ القاطِعِ الطَريقَ

۱۰۸۱.الإمام زين العابدين عليه السلام :إنَّ رَجُلاً رَكِبَ البَحرَ بِأَهلِهِ فَكُسِرَ بِهِم ، فَلَم يَنجُ مِمَّن كانَ في السَّفينَةِ إلاَّ امرَأَةُ الرَّجُلِ ؛ فَإِنَّها نَجَت عَلى لَوحٍ مِن ألواحِ السَّفينَةِ ، حَتّى اُلجِأَت عَلى جَزيرَةٍ مِن جَزائِرِ البَحرِ ، وكانَ في تِلكَ الجَزيرَةِ رَجُلٌ يَقطَعُ الطَّريقَ ، ولَم يَدَع للّهِِ حُرمَةً إلاَّ انتَهَكَها ، فَلَم يَعلَم إلاّ وَالمَرأَةُ قائِمَةٌ عَلى رَأسِهِ ، فَرَفَعَ رَأسَهُ إلَيها فَقالَ : إنسِيَّةٌ أم جِنِيَّةٌ ؟ فَقالَت : إنسِيَّةٌ ، فَلَم يُكَلِّمها كَلِمَةً حَتّى جَلَسَ مِنها مَجلِسَ الرَّجُلِ مِن أهلِهِ ، فَلَمّا أن هَمَّ بِهَا اضطَرَبَت ، فَقالَ لَها : ما لَكِ تَضطَرِبينَ ؟ فَقالَت : أفرَقُ ۴ مِن هذا ـ وأومَأَت بِيَدِها إلَى السَّماءِ ـ قالَ : فَصَنَعتِ مِن هذا شَيئا ؟ قالَت : لا وَعِزَّتِهِ . قالَ : فَأَنتِ تَفرَقينَ مِنهُ هذَا الفَرَقَ ولَم تَصنَعي مِن هذا شَيئا ، وإنَّما أستَكرِهُكِ استِكراها ! فَأَنَا وَاللّهِ أولى بِهذَا الفَرَقِ وَالخَوفِ وأحَقُّ مِنكِ .
قالَ : فَقامَ ولَم يُحدِث شَيئا ، ورَجَعَ إلى أهلِهِ ولَيسَت لَهُ هِمَّةٌ إلاَّ التَّوبَةُ وَالمُراجَعَةُ ،

1.الأرَقُ : وهو السهر ، رجلٌ أرق إذا سهر لِعلّة ، فإن كان السهر من عادته قيل : اُرُقٌ بضمُ الهمزة والراء (النهاية : ج ۱ ص ۴۰ «أرق») .

2.يتزلزلون : أي يعدون ؛ من زلّ : إذا عدا (اُنظر : معجم مقاييس اللغة : ج ۳ ص ۴ «زلل») .

3.الدعاء للطبراني : ص ۷۴ ح ۱۸۷ عن الحارث عن الإمام عليّ عليه السلام ، مجمع الزوائد : ج ۸ ص ۲۶۴ ح ۱۳۴۱۵ نقلاً عن البزّار عن الإمام عليّ عليه السلام ، كنز العمّال : ج ۱۵ ص ۱۷۲ ح ۴۰۴۷۶ .

4.الفَرَق : الخوف والفزع (النهاية : ج ۳ ص ۴۳۸ «فرق) .

  • نام منبع :
    نهج الدعاء
    المساعدون :
    افقی، رسول؛ سرخئی، احسان
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1386 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 241259
الصفحه من 787
طباعه  ارسل الي