قَبْلَكُم مِن المَثُلَاتِ بسُوءِ الأفْعالِ وذَميمِ الأعْمالِ ، فتَذَكّروا في الخَيرِ والشَّرِّ أحْوالَهُم ، واحْذَروا أنْ تَكونوا أمْثالَهُم .
فإذا تَفَكّرْتُم في تَفاوُتِ حالَيْهِم فالْزَموا كُلَّ أمرٍ لَزِمَتِ العِزّةُ بهِ شَأنَهُم (حالَهُم) ، وزاحَتِ الأعْداءُ لَهُ عَنهُم ، ومُدَّتِ العافِيَةُ بهِ علَيهم ، وانْقادَتِ النِّعْمَةُ لَهُ مَعهُم ، ووَصَلَتِ الكَرامَةُ علَيهِ حَبْلَهُم : مِنالاجْتِنابِ للفُرْقَةِ ، واللُّزومِ للاُلْفَةِ ، والتَّحاضِّ علَيها ، والتَّواصي بها . واجْتَنِبوا كُلَّ أمرٍ كَسَرَ فِقْرَتَهُم ، وأوْهَنَ مُنَّتَهُم : مِن تَضَاغُنِ القُلوبِ ، وتَشاحُنِ الصُّدورِ ، وتَدابُرِ النُّفوسِ ، وتَخاذُلِ الأيْدي . وتَدبَّروا أحْوالَ الماضينَ مِن المؤمنينَ قَبْلَكُم ... فانْظُروا كيفَ كانوا حيثُ كانتِ الأمْلاءُ مُجْتَمِعةً ، والأهْواءُ مُؤْتَلِفَةً (مُتَّفِقَةً) ، والقلوبُ مُعْتَدِلَةً ، والأيْدي مُتَرادِفَةً (مُتَرافِدَةً) ، والسُّيوفُ مُتَناصِرَةً ، والبَصائرُ نافِذَةً ، والعزائمُ واحِدةً . ألَمْ يكونوا أرْباباً في أقْطارِ الأرَضينَ ، ومُلوكاً على رِقابِ العالَمينِ ؟! فانْظُروا إلى ما صاروا إلَيهِ في آخِرِ اُمورِهِم ، حِينَ وَقَعتِ الفُرقَةُ ، وتَشَتّتتِ الاُلْفَةُ ، واخْتَلَفَتِ الكَلِمَةُ والأفْئدَةُ ، وتَشَعّبوا مُخْتَلِفينَ ، وتَفَرّقوا مُتَحارِبينَ (مُتَحازِبينَ) ، قَد خَلعَ اللَّهُ عَنهُم لِباسَ كَرامَتِهِ ، وسَلَبَهُم غَضارَةَ نِعْمَتِهِ ، وبَقِيَ قَصصُ أخْبارِهِم فيكُم عِبَراً للمُعْتَبِرينَ .۱
۵۰۵۹.عنه عليه السلام : أيْمُ اللَّهِ ، ما اخْتَلَفتْ اُمّةٌ قَطُّ بَعدَ نَبِيّها إلّا ظَهرَ أهْلُ باطِلِها على أهْلِ حَقِّها إلّا ما شاءَ اللَّهُ .۲
۵۰۶۰.عنه عليه السلام : إيّاكُم والتَّلَوُّنَ في دِينِ اللَّهِ ، فإنَّ جَماعَةً فيما تَكْرَهونَ مِنالحقِّ خَيرٌ مِن فُرقَةٍ فيما تُحِبّونَ مِن الباطِلِ ، و إنّ اللَّهَ سُبحانَهُ لَم يُعْطِ أحَداً بفُرقَةٍ خَيراً ، مِمّن مَضى ولا مِمّن بَقِي .۳
۵۰۶۱.عنه عليه السلام : إنَّ الشَّيطانَ يُسَنّي لَكُم طُرُقَهُ ، ويُريدُ أنْ يَحُلَّ دِينَكُم عُقْدةً عُقْدةً ، ويُعْطيَكُم بالجَماعةِ الفُرقَةَ ، وبالفُرقَةِ الفِتْنَةَ ، فاصْدِفوا عن نَزَغاتِهِ ونَفَثاتِهِ .۴
1.نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۲ ، انظر تمام كلامه عليه السلام .
2.شرح نهج البلاغة : ۵/۱۸۱ .
3.نهج البلاغة : الخطبة ۱۷۶ .
4.نهج البلاغة: الخطبة ۱۲۱.