القضاء والقدر - الصفحه 13

كان له الإمكان سواء أخذ في نفسه ولم ينسب إلى‏ شي‏ء كالماهيّة الممكنة في ذاتها أو نسب إلى‏ بعض أجزاء علّته التامّة، فإنّه لو أوجب ضرورته ووجوبه كان علّة له تامّة، والمفروض خلافه .
ولمّا كانت الضرورة هي تعيّن أحد الطرفين وخروج الشي‏ء عن الإبهام، كانت الضرورة المنبسطة على‏ سِلسِلة الممكنات من حيث انتسابها إلَى الواجب تعالى‏ الموجب لكلّ منها في ظرفه الذي يخصّه قضاء عامّاً منه تعالى‏ كما أنّ الضرورة الخاصّة بكلّ واحد منها قضاء خاصّ به منه ، إذا لا نعني بالقضاء إلّا فصل الأمر وتعيينه عن الإبهام والتردّد .
ومن هنا يظهر أنّ القضاء من صفاته الفعليّة ، وهو مُنتزَع من الفعل من جهة نسبته إلى‏ علّته التامّة الموجبة له .
3 - والروايات في تأييد ما تقدّم كثيرة جدّاً : ففي المحاسن عن أبيه عن ابن أبي عُمير عن هِشام بن سالم قال : قالَ أبو عبداللَّه عليه السلام : إنّ اللَّهَ إذا أرادَ شيئاً قَدَّرَهُ ، فإذا قَدَّرَهُ قَضاهُ ، فإذا قَضاهُ أمضاهُ .
وفيه عن أبيهِ عن ابنِ أبي عُمَيرٍ عن محمّدِ بنِ إسحاقَ قالَ : قالَ أبو الحسنِ عليه السلام لِيُونُسَ مَولى‏ عليِّ بنِ يَقطينٍ : يا يُونسُ ، لا تَتَكلَّمْ بالقَدَرِ . قالَ : إنّي لا أتَكَلَّمُ بالقَدَرِ ، ولكنْ أقولُ : لا يكونُ إلّا ما أرادَ اللَّهُ وشاءَ وقَضى‏ وقَدَّرَ ، فقالَ : ليسَ هكذا أقولُ ، ولكنْ أقولُ : لا يكونُ إلّا ما شاءَ اللَّهُ وأرادَ وقَدَّرَ وقَضى‏ . ثُمّ قالَ : أتَدري ما المَشيّةُ ؟ فقالَ : لا ، فقالَ : هَمُّهُ بالشَّي‏ءِ ، أوَتَدري ما أرادَ ؟ قالَ : لا ، قالَ : إتمامُهُ علَى المَشيَّةِ ، فقالَ : أوَتَدري ما قَدَّرَ ؟ قالَ : لا ، قالَ : هُو الهَندَسَةُ مِن الطُّولِ والعَرضِ والبَقاءِ . ثُمّ قالَ : إنَّ اللَّهَ إذا شاءَ شَيئاً أرادَهُ ، وإذا أرادَ قَدَّرَهُ ، وإذا قَدَّرَهُ قَضاهُ ، وإذا قَضاهُ أمضاهُ ، الحديث .

الصفحه من 20