فهذا - على ما يظهر - هو السبب في إسنادهم الإدراك والشعور وما لا يخلو عن شوب إدراك مثل الحبّ والبغض والرجاء والخوف والقصد والحسد والعفّة والشجاعة والجرأة ونحو ذلك إلَى القلب ، ومرادهم به الروح المتعلّقة بالبدن أو السارية فيه بواسطته ، فينسبونها إليه كما ينسبونها إلَى الروح وكما ينسبونها إلى أنفسهم ، يقال : أحببته وأحبّته روحي وأحبّته نفسي وأحبّه قلبي . ثمّ استقرّ التجوُّز في الاستعمال فاُطلق القلب واُريد به النفس مجازاً ، كما ربّما تعدّوا عنه إلَى الصدر فجعلوه لاشتماله علَى القلب مكاناً لأنحاء الإدراك والأفعال والصفات الروحيّة .
وفي القرآن شيءٌ كثيرٌ من هذا الباب ، قال تعالى : (يَشْرَحْ صَدرَهُ للإِسلامِ)۱ ، وقال تعالى : (إنّكَ يَضيقُ صَدرُكَ)۲ ، وقال تعالى : (وبَلَغَتِ القُلوبُ الحَناجِرَ)۳ ، وهو كنايةٌ عن ضيق الصدرِ ، وقال تعالى : (إنَّ اللَّهَ عَليمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)۴. وليس من البعيد أن تكون هذه الإطلاقات في كتابه تعالى إشارةً إلى تحقيق هذا النظر وإن لم يتّضح كلّ الاتّضاح بعد .
وقد رجّح الشيخ أبو عليّ بن سينا كون الإدراك للقلب بمعنى أنّ دخالة الدِّماغ فيه دخالة الآلة ، فللقلب الإدراك وللدماغ الوساطة .۵
(انظر) بحار الأنوار : 70 / 34 تحت عنوان «تبيين» .
المحجّة البيضاء : 5 / 4 «بيان معنَى النفس والروح والعقل والقلب وما هو المراد بهذه الأسامي».
3326 - مَنزِلَةُ القَلبِ مِنَ الجَسَدِ
۱۷۰۲۸.رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله : إذا طابَ قلبُ المَرءِ طابَ جَسَدُهُ ، وإذا خَبُثَ القلبُ خَبُثَ الجَسَدُ .۶
۱۷۰۲۹.عنه صلى اللَّه عليه وآله : في الإنسانِ مُضغَةٌ ، إذا هي سَلِمَت وصَحَّت سَلِمَ بها سائرُ الجَسَدِ، فإذا سَقِمَت سَقِمَ بها سائرُ الجَسَدِ
1.الأنعام : ۱۲۵ .
2.الحِجر : ۹۷ .
3.الأحزاب : ۱۰ .
4.المائدة : ۷ .
5.الميزان في تفسير القرآن : ۲/۲۲۳ .
6.كنز العمّال : ۱۲۲۲ .