النبوّة العامّة - الصفحه 13

في هذه الملّة البيضاء أصدق شاهد وأبين بيّنة على‏ صدق النّاهض بدعوتها صلى اللَّه عليه وآله ، ولو لم تكن تذكر أمارات له في الكتابين فإنّ شريعته كمال شريعة الكليم والمسيح عليه السلام. وهل يطلب من شريعة حقّة إلّا عرفانها المعروف وإنكارها المنكر ، وتحليلها الطيّبات ، وتحريمها الخبائث ، وإلغاؤها كلّ إصر وغلّ ؟ وهي تفاصيل الحقّ الّذي يدعو إليه الشرائع الإلهيّة ، فليعترف أهل التّوراة والإنجيل أنّ الشّريعة الّتي تتضمّن كمال هذه الاُمور بتفاصيلها هي عين شريعتهم في مرحلة كاملة .
وبهذا البيان يظهر أنّ قوله تعالى‏ : (يأمُرُهُم بالمَعروفِ ويَنهاهُمْ عَنِ المُنْكَرِ) الآية ، يفيد بمجموعه معنى‏ تصديقه لما في كتابيهم من شرائع اللَّه تعالى‏، كأنّه قيل : مصدّقاً لمابين يديه كما في قوله تعالى‏ : (ولَمّا جاءَهُم رَسولٌ مِنْ عِندِاللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبذَ فَريقٌ مِنَ الّذينَ اُوتوا الِكتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كأنّهُمْ لايَعْلَمونَ)۱ وقوله : (ولَمّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِن عِندِاللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وكانُوا مِنْ قَبلُ يَسْتَفْتِحونَ عَلَى الّذينَ كَفَروا فلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفوا كَفَروا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الكافِرينَ)۲يريد مجي‏ء النّبيّ صلى اللَّه عليه وآله بكمال ما في كتابهم من الشّريعة مصدّقاً له ثمّ كفرهم به وهم يعلمون أ نّه المذكور في كتبهم المبشّر به بلسان أنبيائهم كما حكى‏ سبحانه عن المسيح في قوله : (يا بَني إسْرائيلَ إنّي رَسولُ اللَّهِ إلَيْكُم مُصَدِّقاً لِما بَينَ يَدَيَّ مِن التَّوراةِ ومُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأتي مِنْ بَعْدي اسْمُهُ أحْمَدُ)۳.۴

8 . رفعُ الاختلافِ :

الكتاب :

(كَانَ النَّاسُ أَُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيما اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ البَيِّنَاتُ بَغْيَاً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلى‏ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) .۵

1.البقرة : ۱۰۱ .

2.البقرة : ۸۹ .

3.الصفّ : ۶ .

4.الميزان في تفسير القرآن : ۸/۲۷۸ .

5.البقرة : ۲۱۳ .

الصفحه من 28