الحديث :
۱۹۵۶۱.الإمامُ عليٌّ عليه السلام : اُنظُروا إلى مَواقِعِ نِعَمِ اللَّهِ علَيهِم حِينَ بَعَثَ إلَيهِم رَسولاً فعَقدَ بمِلَّتِهِ طاعَتَهُم ، وجَمعَ على دَعوَتِهِ اُلفتَهُم : كيفَ نَشَرَتِ النِّعمَةُ علَيهِم جَناحَ كَرامَتِها ، وأسالَت لَهُم جَداوِلَ نَعيمِها ، والتَفّتِ المِلّةُ بِهِم في عَوائدِ بَرَكَتِها ، فأصبَحوا في نِعمَتِها غَرِقِينَ!۱
التّفسير :
قال العلّامة الطباطبائيّ في تفسير قوله تعالى : (كانَ النّاسُ اُمَّةً واحِدَةً ...) : الآية تبيّن السبب في تشريع أصل الدِّين وتكليف النوع الإنسانيّ به ، وسبب وقوع الاختلاف فيه ببيان : أنّ الإنسان - وهو نوع مفطور علَى الاجتماع والتعاون - كان في أوّل اجتماعه اُمّة واحدة ، ثمّ ظهر فيه بحسب الفطرة الاختلافُ في اقتناء المزايا الحيويّة ، فاستدعى ذلك وضع قوانين ترفع الاختلافات الطارئة والمشاجرات في لوازم الحياة ، فاُلبست القوانين الموضوعة لباس الدين ، وشفعت بالتبشير والإنذار : بالثواب والعقاب ، واُصلحت بالعبادات المندوبة إليها ببعث النبيّين ، وإرسال المرسلين، ثمّ اختلفوا في معارف الدين أو اُمور المبدأ والمعاد ، فاختلّ بذلك أمر الوحدة الدينيّة ، وظهرت الشعوب والأحزاب وتبع ذلك الاختلاف في غيره ، ولم يكن هذا الاختلاف الثاني إلّا بغياً من الذين اُوتوا الكتاب وظلماً وعتوّاً منهم بعد ماتبيّن لهم اُصوله ومعارفه ، وتمّت عليهم الحجّة ، فالاختلاف اختلافان : اختلاف في أمر الدين مستند إلى بغي الباغين دون فطرتهم وغريزتهم ، واختلاف في أمر الدنيا وهو فطريّ وسبب لتشريع الدين ، ثمّ هدَى اللَّه سبحانه المؤمنين إلَى الحقّ المختلف فيه بإذنه ، واللَّه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
فالدين الإلهيّ هو السبب الوحيد لسعادة هذا النوع الإنسانيّ ، والمصلح لأمر حياته ، يصلح الفطرة بالفطرة ،
1.نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۲ ، انظر تمام الكلام .