الحشويّة آراء و ملتزمات - الصفحه 12

ويحصرونه في اتّباع مذهبهم!
ولا شكّ أنّ عملية البحث والتنقيب التي تجب على كلّ مكلّف في أصول الدين هي نوع من بذل الجهد، لكنّ تسميتها بالاجتهاد خطأٌ واضح، لأنّ الاجتهاد أصبح مصطلحاً فقهيّاً يعتمد على مقدّمات طويلة من قبيل معرفة اللغة وعلومها، ومعرفة النصوص وتحديدها وبلوغها، ومعرفة القواعد الأصولية والفقهيّة وتمييزها، ممّا هو معلوم لأهل العلم، بينما البحث في علم الكلام لا يتوقّف على هذه، ولهذا وجب على كلّ عاقل في بداية التكليف وعلى كلّ مكلّف حتّى العامّي، لأنّ البحث الكلامي يتوقّف على مقدّمات ميسّرة لكلّ إنسان له قدرة التأمّل والنظر والفكر، وهذه هي التي أمر اللّه تعالى بها في القرآن الكريم حاثّاً على التفكّر في (15) آية: (ثمّ تتفكّروا) و (أولم يتفكّروا) و (أفلا تتفكّرون) و (لعلّكم تتفكّرون) و (لعلّهم يتفكّرون) و (لقومٍ يتفكّرون) و (الذين يذكرون اللّه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكّرون في خلق السماوات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقِنا عذاب النار) الآية ۱۹۱ من سورة آل عمران ۳۱.
و (أفلا يتدبّرون القرآن) و (أفلم يتدبّروا القول) و (ليتدبّروا آياته)۲.
وجاءت كلمة (يعقلون) في (22) مورداً في كثير منها (آيات لقوم يعقلون) وجاءت كلمة (تعقلون) في (24) مورداً في كثير منها (أفلا تعقلون) و
(لعلّكم تعقلون)۳ .
وهذه الخطابات لم تكن في البداية إلّا للاُمّة الاُمّية من أهل الجاهلية، ثمّ لم تختصّ فيما بعد بالعلماء المحقّقين، وإنّما هي عامّة لجميع البشر!

1.لاحظ الآيات المذكورة في: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، لمحمّد فؤاد عبد الباقي (ص ۵۲۴- ۵۲۵)

2.المصدر السابق (ص ۲۵۲)

3.المصدر السابق (ص ۸ - ۴۶۹)

الصفحه من 72