الحشويّة آراء و ملتزمات - الصفحه 17

الظنّ والتخمين.
فمن يقلّد في أصول العقائد، الواجب فيها المعرفة والعلم، كيف يمنع من التقليد في الفروع؟
إنْ هذا إلّا تخليطٌ ورقاعة!
ولمّا تنبّه واحد من السلفيّين المعاصرين، وهو الدكتور عبد العزيز القاري - أُستاذ مشارك في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة - إلى عمق التهافت بين التقليد في العقيدة، ومنع التقليد في المذهب الفقهي، وصار إلى التوفيق والتقريب، فدعا في كتابه «برنامج عملي للمتفقّهين» إلى التفقّه من خلال أحد المذاهب الأربعة وقال: «لأنّ باقي المذاهب الفقهيّة؛ إمّا قد اندرس أكثرها مثل الأوزاعيّة والسفيانيّة، وإمّا غير معتبر كالظاهريّة، فلذلك: أحسن وسيلة للتفقّه في الشريعة: أنْ تتمذهب بواحدٍ من المذاهب الأربعة، تختار أحدها، فكلّها طرقٌ للتفقّه في الشريعة» ۱ .
لمّا وقف هذا السلفيّ على هذا الواقع ودعا إليه، مع أنّه يدعو إلى التقليد في ما أسماه «فقه الإيمان» وتعلّمه على منهج السلف!
ضجّ منه بعض ذيول السلفية، وعارضه بأنّ شأن فقه الأحكام هو نفس شأن فقه الإيمان، فما دام فقه الإيمان محفوظاً عند السلف، ففقه الأحكام عند السلف محفوظ باقٍ إلى قيام الساعة، فبأيّ حجّة تدعو - والخطاب إلى القاري - لأخذ التوحيد منه؟ ثمّ تصدّ عنه في الفقه العملي إلى المذاهب، والشأن في الحالين واحد؟ ۲ هكذا عارضه السلفي الذيل، مُتغابياً عن أنّ الخَلَل في كلام القاري إنّما هو:
أوّلاً: في دعوته إلى التقليد في «الإيمان» بينما «الإيمان» مبنيّ على العلم والمعرفة

1.برنامج عملي للمتفقّهين (ص ۲۷)

2.ما أنا عليه وأصحابي (ص ۲۱۰)

الصفحه من 72