قتل عبداللَّه بن يَقْطر رسولَ الحسين بن عليٍ عليهما السلام إلى مسلم بن عقيلٍ ، حيث رمى به ابن زيادٍ من فوق القصر - وبه رَمَق - فأَجْهَزَ عليه ، فلمّا عُوتب على ذلك قال : إنّما أردتُ أن أُريحه - استهزاءً بالقتل ، وقلّة مبالاةٍ - وكان يتولّى القضاء لبني أُميّة ، وكان مروانيّاً شديدَ النَّصْب والانحراف عن أهل البيت عليهم السلام ومَن هذه صورته لا تُقبل روايته (اه ) .
فليت شِعْري ، كيف احتجّ به أحمد والشيخان وغيرهم ، وأدخلوا حديثه في (الصحيح) وهذه حاله لا تكاد تخفى عليهم ؟!
وما يُدريك ، فلعلّهم كانوا يتساهلون في مثل هذه الأحاديث ، ويتلقَّوْنَها بالقبول والتسليم ، ويودِعونها كتبهم من دون تحرّجٍ ولا خَشْية تأثيم ، فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم .
ثمّ إنّ حديث العبّاس بن عبد المطّلب هذا يعارضه ويناقضه حديثه الآخَر الذي أخرجه ابن سعدٍ في (الطبقات) ۱ عن عفّان بن مسلمٍ ، قال : أخبرنا حمّاد بن سَلَمة ، عن ثابتٍ ، عن إسحاق بن عبداللَّه بن الحارث ، قال : قال العبّاس : يارسولَ اللَّه ، أترجو لأبي طالبٍ ؟ قال : كلَّ الخير أرجو من ربّي .
ورواه زيد بن الحبّاب ، عن حمّادٍ ، به ۲ .
فلولا عِلْم النبيّ صلى الله عليه وآله بإيمان عمّه أبي طالبٍ لَما كان يرجو له كلَّ الخير من ربّه تعالى ، مع ما أخبره اللَّه جلّ ذِكره من خلود الكفّار في النار ، وحرمان اللَّه تعالى لهم الخيرات ، وتأبيدهم في العذاب على وجه الاستحقاق والهوان ۳ .
وقال العلّامة البرزنجيّ الشافعيّ : رجاؤه صلى الله عليه وآله محقَّقٌ ، ولا يرجو كلَّ
1.الطبقات الكبرى : ۱ / ۱۲۴ - ۱۲۵ ، تاريخ الإسلام : ۱ / ۱۳۸ - الخصائص الكبرى : ۱ / ۸۷
2.تاريخ الإسلام : ۱ / ۲۳۳ - كنز الفوائد : ۱ / ۱۸۳
3.الحجّة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب : ۷۲