القرآن الكريم و مشكلة أخبار الآحاد - الصفحه 104

فتقرّبوا إلى أئمّة الضلالة ، والدعاة إلى النار بالزور والبهتان ، فولّوهم الأعمالَ، وجعلوهم حكّاماً على رقاب الناس ، فأكلوا بهم الدنيا ، وإنّما الناسُ مع الملوك والدنيا ، إلّا من عصم اللَّه؛ فهذا أحد الأربعة .
إلى آخر الكلام ۱ .
والأوضاع تحوّلت إلى الأسوأ بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام في سنة 40ه حين تغلّب معاوية على الدولة الإسلاميّة ، فإنّه أسّس ما يسمّى أوّل مركز للدعاية الفاسدة والتزوير في العالم .
ولايمكننا بسط القول في ذلك ههنا ، ومن يريد الاطّلاع عن مزيد عن ذلك فعليه الرجوع إلى شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزليّ، فقد نقل عن كتاب «الأحداث» لأبي الحسن عليّ بن محمد بن أبي سيف المدائني ، كيفيّة تأسيس ذلك المركز، وكيف نما وازدهر وترسّخ في جميع أقطار العالم الإسلامي ؟ وكيف جدّ الناس في رواية تلك الأحاديث المفتعلة ؟ حتّى أشادوا بذكرها على المنابر ، وألقي إلى معلّمي الكتاتيب فعلّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع ، حتّى رووه وتعلّموه كما يتعلّمون القرآن ، وحتّى علّموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم فلبثوا بذلك ما شاء اللَّه .
ثمّ يقول : وكان أعظم الناس في ذلك القرّاء المراؤون والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ويقربوا مجالسهم ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل .
حتّى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديّانين الذين لايستحلّون الكذب والبهتان ، فقبلوها وروَوْها ، وهم يظنّون أنّها حقّ ، ولو علموا أنّها باطلٌ؛

1.نهج البلاغة : (إعداد الدكتور صبحي صالح) دار الكتاب اللبناني ومكتبة المدرسة بيروت - لبنان - الطبعة الثانية - : ص ۳۲۵ - ۳۲۶

الصفحه من 122