القرآن الكريم و مشكلة أخبار الآحاد - الصفحه 103

معياراً للقرآن أبداً .
فالقرآن لايحتاج إلى شهادة الحديث . كلّا ! بل الحديث محتاجٌ إلى شهادة القرآن في الردّ أو القبول .
ولكنّا نرى - مع الأسف، وبالرغم من ذلك التحذير والإنذار - انتشار وضع الحديث في بلاد المسلمين، وازدهار صنعة الوضع ، حتّى قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في جواب من سأله عن أحاديث البدع واختلاف الأخبار : إنّ في أيدي الناس حقّاً وباطلاً وصدقاً وكذباً وناسخاً ومنسوخاً وعامّاً وخاصّاً ومحكماً ومتشابهاً وحفظاً ووهماً. ولقد كُذِب على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله على عهده حتّى قام خطيباً فقال : «من كذب عليّ متعمّداً فليَتَبَوَّأْ مقعدَه من النار» وإنّما أتاك بالحديث أربعة رجال، ليس لهم خامس :
(1) رجلٌ منافقٌ مظهرٌ للإيمان متصنّعٌ بالإسلام ، لايتأثّمُ ولايتحرّجُ بكذبٍ على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله متعمّداً .
فلو علم الناس أنّه منافقٌ كاذبٌ لم يقبلوا منه ، ولم يصدِّقوا قوله ، ولكنّهم قالوا : «صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله رآه وسمع منه ولقف عنه» فيأخذون بقوله .
وقد أخبرك اللَّه عن المُنافقين بماأخبرك ووصفهم بما وصفهم لك، ثمّ بقَوا بعده ۱ .

1.وهُنا يُشير الإمام عليه السلام إلى حقيقةٍ هامّةٍ رهيبةٍ قلّما يُبحث عنها، وهي: ماهو مصير المُنافقين بعد وفاة النبيّ ؟ وأين اختفوا ؟ وماذا عن موقعهم بعد ذلك ؟ وهم الذين كثر شغبهم في عصر النبوّة حتى نزلت فيهم آيات عديدة، بل سورة كاملة، وانهالت الأحاديث الشريفة في التحذير منهم، وتعريفهم إلى الأمة بالأوصاف ليبتعدوا عنهم . لكنهم اختفوا فجأة بعد الرسول صلى الله عليه وآله فالإمام وهو المراقب الأمين على الأوضاع يُفصح عن الإجابة الصريحة عن هذه الأسئلة ويقول: إنّهم بقوا في الساحة إلا أنّهم تسلّلوا إلى مواقع القدرة والسلطة وأخذوا بأزمّة الحكم وتحكّموا فى البلاد، وعلى رقاب العباد، ومن منصّة الخلافة والإمارة، وأصبحوا هم أولو الأمر الذين تجب على الأمّة طاعتهم

الصفحه من 122