عرض الحديث علي كتاب الله من قواعد تمييز الصحيح الموافق له من الباطل المخالف - الصفحه 11

وتنشأ أهميّة هذه الروايات من كونها تؤسّس ميزاناً شرعياً وقاعدة تعرض عليها الأحاديث المنقولة إلينا بواسطة الرواة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) بغية تحصيل العلم بصدورها منه واقعاً ، أو عدم صدورها .
وكثيرٌ من علماء العامّة المتقدّمين والمتأخّرين ينكرون ثبوت هذه الروايات ، ويرون عدم إمكان صدورها عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وسوف يتّضح من خلال البحث : أنّ بعض هؤلاء المنكرين لم يفهموا مراد الشارع الأقدس من هذه الروايات على وجهه الصحيح ، وظنّوا أنّها تهدف إلى إلغاء وظيفة السنّة الشريفة في التشريع ، وحصرها في نطاق توكيد الأحكام التي جاء بها القرآن الكريم ، فدفعهم حرصهم على السنّة إلى إنكار صحّة هذه الروايات ، والتماس الأدلّة على بطلانها .
وسوف نعقد البحث عن هذه الروايات في أربع مراحل :
الأُولى : في استعراض أدلّة الذاهبين إلى عدم ثبوتها .
الثانية : في الجواب عن هذه الأدلّة وردّها .
الثالثة : في بيان معنى روايات العرض ومراد الشارع بها .
الرابعة : في عرض أمثلة تطبيقية لقاعدة العرض على الكتاب .
وسوف نختم البحث بذكر عدد من الفوائد العلمية والعملية التي تستفاد من قاعدة (العرض على الكتاب) .
المرحلة الأُولى : استند الذاهبون إلى نفي ثبوت روايات العرض على الكتاب ، تارةً على مناقشة سند هذه الروايات ، وأُخرى على مناقشة متنها ومضمونها .

أمّا في ما يخصّ المناقشة الأُولى ، فهنا دعويان :

أُولاهما : أنّ هذه الروايات مبتلاة بضعف السند ، قال الشافعي : « احتجّ عليَّ بعض من ردَّ الأخبار بما روي أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : « ما جاءكم عنّي فاعرضوه على كتاب الله  ، فما وافقه فأنا قلته ، وما خالفه فلم أقله » ، فقلت له : ما روى هذا أحدٌ في

الصفحه من 47