أمّ المؤمنين الطاهرة خديجة بنت خُويلد - الصفحه 107

قالت : يا أبة فما كنت أحبّ أن أرى يومك ولا أبقى بعدك ، قال : يا بنيّة لقد أخبرني جبرئيل عن اللَّه أنّك أوّل من يلحقني من أهل بيتي ، فالويل كلّه لمن ظلمك ، والفوز العظيم لمن نصرك ۱ .
قال عطاء : وكان ابن عبّاس إذا ذكر هذا الحديث تلا هذه الآية الكريمة : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)۲.
أقول : وفضائلها لا تعدّ ولا تحصى ، ولو أردنا أن نكتب بعضها لخرجنا من وضع الكتاب .
وأحببتُ أن أذكر هذه القصيدة للمرحوم الشيخ غلام رضا الغروي الأصبهاني في مدحها :

سقى اللَّه أنفاسي من السلسل العذبِ
لأنظم أبكاراً من اللؤلؤ الرّطبِ

بمدحة بنت المصطفى ينجلي كربي
وإنّ معاليها لأسنى من الشهب

وفي مدحها القرآن بل سائر الكتبِ
فإن لم تصدّق ما أقول وما أدري
فسل آية الوسطى وسل ليلة القدرِ

وسل آية الكبرى وسل سورة الدّهرِ
وسل آية القربى وسل آية الأجرِ

وكانت لطه المصطفى الروح بالجنبِ
حباها أبوها بالكرامة والبشرِ
ربيبة حجر الوحي والنهي والأمرِ

محدّثة كانت تحدّث بالسرِّ
وتخبرها جهراً ملائكة الغرِّ۳

ومن نورها ضوء المشارق والغربِ
هي الدرّة البيضاء في صدف النّهى
هي الغرّة النورا في ظُلم الدّجى

ومشكاة أنوار الهداية للورى
بأبنائها الغرّ الكرام أولي الحِجا

تشرّفت الآباء في سالب الحقبِ
هي الزهرة الزهرا تجلّت تكرّماً
هي اللمعة النورا فعزّت وإنّما

هي الكوكب الدرّيّ في أفق السما
تضي ء لسكّان السماوات كلّها

تقوم بمحرابٍ تناجي إلى الربِّ
هي الآية الكبرى فكلّت أولو النهى
عقولٌ لهم ما يبلغون المنتهى

مكارمها العليا وأنّى لهم بها
وكيوان علياها لأعلى من السُها

ففي فاطم حارت عقول ذوي اللبِّ
هي الشمس قدراً والأشعّة ساترُ
بخدمتها حور الجنان تفاخرُ

لها جاريات مريم ثمّ هاجرُ
هي القطب خِدراً والنساء دوائرُ

فشتّان ما بين الدوائر والقطبِ
هي البضعة الهادي الرسول الممجّدِ
وريحانة المختار طه محمّدِ

حليلة كرّارٍ حبيبة أحمدِ
هي العروة الوثقى لقبري وفي غدي

شفيعة من والى من العجم والعربِ
فتبّاً لمن بالدّمع أسجم جفنها
وتعساً لمن بالنار أحرق بابها

وسحقاً لمن بالعصر أسقط ابنها
وبُعداً لمن بالسوط سوّد متنها

وفي وجهها الدامي من اللطم والضّربِ
فلهفي عليها حين أبدت عويلها
بعولتها تنسى الحمام هديلها

وكادت لأطفال الفلات تزيلها
فما حال من تلقى مقوداً كفيلها

ويا عجباً من قسور قيد للكلبِ
فأوقفت الأفلاك من فرط دهشةِ
وأذهلت الأملاك من طول زفرةِ

تناديهم خلّوا ابن عمّي ومهجتي
وإن لم تخلّوا عنه أشكو بعولتي

إلى اللَّه يا أهل الضلالةِ والرَيْبِ
فأهوت إلى القبر الشريف ودمعها
تسيل تخال السّحب يوم ربيعها

ونادت أباها خير رسل جميعها
أتدري الرزايا قد دهانا فظيعها

فللّه من رُزءٍ عظيمٍ ومن خطبِ

1.ومن أسمائها «المُحَدَّثَة» لأنّ الملائكة كانت تهبط من السماء فتحدّثها ، كما روى الطبري في «دلائل الإمامة» عن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ عليهم السلام قال : سمعت أبا عبداللَّه يقول : سمّيت فاطمة محدّثة لأنّ الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما كانت تنادي مريم بنت عمران فتقول : يافاطمة إنّ اللَّه اصطفاكِ وطهّركِ على نساء العالمين ، يا فاطمة اقنتي لربّك ، وتحدّثهم ويحدّثونها ، فقالت لهم ذات ليلة : أليست المفضّلة على نساء العالمين مريم بنت عمران ؟ فقالوا : إنّ مريم كانت سيّدة نساء عالمها ، وإنّ اللَّه تعالى جعلك سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين(المؤلف) .

2.الطور : ۲۱

3.البحار (۴۳) ، فاطمة من المهد إلى اللحد (ص ۵۴۴ - ۵۴۸)(الشطري)

الصفحه من 116