مانزل علي رسول الله (ص) من الجنّة و السّماء - الصفحه 219

وعَتَقَ طعامُهم ، وضاقَت من بقاياه صُدُورُهم ، فأحبُّوا طعاماً طريّاً ، فقال قومٌ منهم: يا رسول الله قد سَئِمْنا هذا الذي مَعَنا من الطعام ، فقد عَتَقَ وصارَ يابِساً وكادَ يُريحُ ولا صَبْرَ لنا عليه . فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «ما معكم ؟» قالوا: خبزٌ ولحمٌ قديدٌ مالحٌ وعسلٌ وتمرٌ ، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): فأنتم الآنَ كقوم موسى لمّا قالوا: (...لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَام وَ حِد...) (البقرة:۲/۶۱) فما الذي تريدون؟» قالوا: نُريدُ لَحماً طريّاً قديداً ولحماً مشويّاً من لحم الطُيُور ومن الحلواء المعمول . قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): ولكنّكم تُخالفون في هذه الواحدة بني إسرائيل ، لأنّهم أرادوا البقلَ والقِثّاءَ والفُومَ والعَدَسَ والبَصَلَ ، فاستبدلُوا الذي هو أدنى بالذي هو خيرٌ ، وأنتُم تستبدلون الذي هو أفضل بالذي هو دُونَه ، وسوفَ أسأل لكم ربّي» . قالوا: يا رسول الله! فإنّ فينا مَن يطلبُ مثل ما طلبُوا مِن بَقلِها وقِثّائِها وفُومِها وعَدَسِها وبَصَلِها . فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «سوف يعطيكم الله ذلك بدعاء رسول الله(صلى الله عليه وآله) يا عبادَ الله إنّ قوم عيسى لمّا سألوا عيسى أن ينزلَ عليهم مائدةً من السماء; ( قَالَ اللَّهُ إِنِّى مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّى أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَــلَمِينَ) (المائدة:۵/۱۱۵) فأنزلها عليهم ، فمن كَفَرَ بعدُ منهم مَسَخَهُ الله إمّا خِنزيراً ، وإمّا قِرداً وإمّا دُبّاً ، وإمّا هِرّاً و إمّا على صورة بعض الطيور والدوابّ التي في البَرّ والبَحر ، حتّى مُسِخُوا على أربعمائة نوع من المسخ .
وإنّ محمداً رسول الله(صلى الله عليه وآله) لا يستنزل لكم ما سألتموه من السماء حتّى يحلّ بكافركم ما حلّ بكفّار قوم عيسى(عليه السلام) وإنّ محمّداً أرأفُ بكم من أن يعرّضكم لذلك . ثمّ نظر رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى طائر في الهواء ، فقال لبعض أصحابه: قلْ لهذا الطائر: إنّ رسول الله يأمرك أن تقع على الأرض . فقال له ، فوَقَعَ ، ثمّ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يا أيّها الطائر! إنّ الله يأمرك أن تَكْبُرَ» فازدادَ عِظَماً حتّى صارَ كالتَلّ العظيم . ثمّ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لأصحابه: «أحيطُوا به» فأحاطوا به ، وكان عظم ذلك الطير أن أصحاب رسول الله - وهم فوق عشرة آلاف - اصطفوا حوله ، فاستدارَ صفُّهم ، ثمّ

الصفحه من 229