دور أهل البيت (ع) في تصحيح الفكر و العقيدة - الصفحه 10

الحوض، كما جاء في حديث الثقلين المتواتر عند الفريقين.
وإذا انتُزعت من العترة المعصومة المرجعية السياسية في ممارسة السلطة، فإنّ مرجعيتهم الفكرية الربانية قد تجاوزت أُطر الحظر والحصار، فبسطت بظلالها على مفاصل اجتماعية واسعة، وقد تطرُق أحياناً أبواب السلطان، أوتنفذ في قلب البلاط، وذلك عن طريق تربية النُّخبة الصالحة الرشيدة، التي تبنّت حمل راية الهداية، فكانت أساساً لمدرسة فكرية تتحمّل عب ء نشر مبادى الاسلام الأصيل، وبقيت لتعاليمها الاسلامية الراقية مدلولها الحيّ العملي على طول الزمان مادام هناك مسلم بحاجة إلى فهم الاسلام والتعرّف على شريعته وأحكامه ومفاهيمه وقيمه.
والملاحظ أنّ أُسلوب التصحيح والاصلاح يختلف بحسب الظروف المحيطة بهم عليهم السلام، بحيث يكون مرّة بالاشارة الصريحة إلى الانحراف، كما حدث لبضعة المصطفى الزهراءعليها السلام في ردّها لحديث «نحن معاشر الأنبياء لا نورث»، وبيان دور السلطة في اختلاقه ووضعه، واُخرى بالاشارة الضمنية، أو بالاكتفاء ببيان طريقة التصحيح والاصلاح والتأكيد عليها، لترسيخها في ذهن الاُمّة وضميرها، كما جاء في أحاديثهم عليهم السلام التي أكّدوا فيها على ضرورة تدوين الحديث في مقابل تلك التي تحظر على الأُمّة مزاولة حقّها في تسجيل تراثها لأسباب لا تخلو من أغراض السياسة الماكرة.
وعلى رغم التفاوت بينهم عليهم السلام في اختيار الأُسلوب المناسب، فانّ المنهج المتّبع في الاصلاح والتصحيح واحدٌ لا اختلاف فيه؛ لأنّه مستمدّ من معين معصوم واحد، وقد اتّسم بالشمولية بحيث يستوعب مختلف الجوانب الفكرية والعقدية.
ومع اعترافنا بتشعّب هذا الموضوع، وتعدّد جوانب البحث فيه، فانّنا سنحاول التوفّر على دراسة بعض ملامح التصحيح ومحطّاته الرئيسية، ونسوق بعض الأمثلة المناسبة، لتكون بمثابة إثارات لمن يريد التعمّق في دراسة مواطن الانحراف وأسبابه، ومعالم التصحيح وآثاره في حياة الاُمّة إلى يومنا هذا.

الصفحه من 107