دور أهل البيت (ع) في تصحيح الفكر و العقيدة - الصفحه 11

أولاً - الحديث

لم يدّخر الأئمّةعليهم السلام وسعاً في سبيل إصلاح ثاني ركائز التشريع ومنابع الفكر الديني بعد كتاب اللَّه تعالى، فأكّدوا على ضرورة تدوينه، وبيّنوا منهجاً واضحاً لتصحيح الحديث وتفاصيل فقهه وعلله وطرق تحمّله وسماعه، وأوضحوا أنّ فيه ناسخاً ومنسوخاً وخاصاً وعاماً ومحكماً ومتشابهاً، وأنّ على الأُمّة تحرّي الدقّة عن ظروف صدور الحديث وحال رواته.
عن سُليم بن قيس الهلالي، قال: قلت. لأمير المؤمنين عليه السلام: إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذرّ شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي اللَّه صلى الله عليه وآله غير ما في أيدي الناس، ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي اللَّه صلى الله عليه وآله أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أنّ ذلك كلّه باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله متعمدين، ويفسّرون القرآن بآرائهم ؟
قال: فأقبل عليّ فقال: قد سألت فافهم الجواب؛ إنّ في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعاماً وخاصاً، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، وقد كذب على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله على عهده حتى قام خطيباً فقال: أيها الناس، قد كثرت عليّ الكذّابة، فمن كذب عليّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار. ثمّ كذب عليه من بعده.
وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس:
رجل منافق يظهر الايمان، متصنّع بالاسلام، متكلّف له، ومتدلّس به، غير متّصفٍ به، لا يتأثّم ولا يتحرّج أن يكذب على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله متعمداً، فلو علم الناس أنّه منافق كذّاب، لم يقبلوا منه ولم يصدّقوه، ولكنّهم قالوا: هذا قد صحب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ورآه وسمع منه، وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله، وقدأخبره اللَّه عن المنافقين بما أخبره، ووصفهم بما وصفهم، فقال عزوجل: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ

الصفحه من 107