شرح حديث «نية المؤمن خير من عمله» - الصفحه 319

عملت بيدي ، ولا يصفون أفعال اللّه تعالى بأنها أعمال .
قلنا : ليس يمتنع أن تسمى أفعال القلوب أعمالاً وإن قل استعمال ذلك فيها . ألا ترى أنهم لا يكادون يقولون : فعلت بقلبي ، كما يقولون : فعلت بجوارحي ، وإن كانت أفعال القلوب تستحق التسمية بالفعل حقيقة بلا خلاف ، وإنما ۱
لا تسمى أفعال اللّه أعمالاً لأن هذه اللفظة تختص بالفعل الواقع عن قدرة والقديم تعالى قادر لنفسه ، كما لا نصفه تعالى بأنه مكتسب ؛ لاختصاص هذه اللفظة بمن فَعَلَ لجرِّ نفع أو دفع ضرر .
ولو سلَّمنا أن اسم العمل يختص بأفعال الجوارح جاز أن يطلق ذلك على النية مجازا أو ۲ استعارة ، فباب التجوز أوسع من ذلك ، انتهى . ۳

[رد المصنف على كلام السيّد]

وأقول : سيظهر لك في ما بعد أن هذا الوجه الذي أطال في الاستشهاد له لا طائل تحته ، وأنه أسهل ما قيل في هذا الحديث من الأجوبة وأدناها وأسخفها وأرداها ، وأنه إن صحَّح شيئا فقد أفسد أشياءَ ، وإن أمكن الجواب به عن لفظ «خير» فلا يمكن الجواب به عن الأحاديث المتكثرة الواردة بلفظ «النية أفضل من العمل» ، وإن المتنبي ممّن لا يُستشهد بكلامه ، وإن ذكره بعض العلماء فعلى طريقة التمثيل لا على سبيل الاستشهاد ، مع أن قوله ليس يمتنع أن تسمى . . . ۴ قياس في اللغة .
وقول النحاة : «أفعال القلوب» ، يعنون بها الأفعال الاصطلاحية المقابلة للأسماء والحروف ، لا الأفعال اللغوية التي هي الأعمال ، وأسماء اللّه تعالى توقيفية لا دخل لها في هذا المقام ، وباب التجوز وإن كان واسعا لكن الكلام في الاستعمال ، ولم يثبت حقيقةً ولا مجازا .
ومع هذا كلّه فلا ضرورة داعية إلى مثل هذا مع استقامة الكلام على حقيقته من غير

1.في الأمالي : «ولكن» .

2.في الغرر : واو العطف بدلاً من «أو» العاطفة .

3.غرر الفوائد و درر القلائد ، ج۲ ، ص۳۱۵ ـ ۳۱۶ .

4.كلمة غير مقروء .

الصفحه من 346