التقيّة في القرآن و السنّة بين السائل و المجيب - الصفحه 48

الفقهاء على أنّه لو جاء ظالمٌ يطلب إنساناً مختفياً ليقتله أو يطلب وديعةً لإنسانليأخذها غصباً ،وسأل عن ذلك ; وجب على مَن علمَ ذلك إخفاؤهوإنكار العلم به .
وهذا كذبٌ جائزٌ; بل واجبٌ; لكونه في دفع الظالم» .
والإمام مسلم عقدَ في صحيحه باباً مستقلا في هذا الموضوع بعنوان: «باب تحريم الكذب وبيان الكذب المحلّل» ۱  .
والإمام البخاري ـ أيضاً ـ عقد «كتاب الإكراه» في صحيحه كما سيأتي .
والآن نفرض أنّ الكفّار أخذوا مسلماً بسبب إسلامه ـ وذلك المسلم هو أنت بنفسك ـ وهم يُعطونك الخيار بين أمرين: إمّا أن تخلعَ قلادة الإسلام من رقبتك أو تُقتل ، فإن كان نور الإيمان مضيئاً في قلبك فمجرّد التلفّظ بكلمات عديدة ضدّ الإسلام لايضرّ بذلك النور ، ولا يخرجه من قلبك ، بل تكون تلك الكلمات كغطاء أسود على ذلك النور الذي يتشعشع في قلبك ، ولايكون لها أية قدرة لإطفاء ذلك النور ، ولكنّك إن لم تُخْفِ ذلك النور تحتَ الستار فحياتُك في خطر ، ومع قتلك يطفأ نور الإيمان ـ أيضاً ـ ولا يبقى لك أي محلّ أو مجال لخدمة الإسلام والدين في الأيّام الآتية .
فبالتكلّم بكلمات سطحيّة والتظاهر بها ضدّ الإسلام ، تحافظ أنت على حياتك ، وكذلك على إيمانك .
وأمّا في الصورة الأُخرى فحياتك تضيع ، ولايبقى لك أي مجال لخدمة الإسلام والحقّ في المستقبل .
ولذلك أمرك الله سبحانه وتعالى أن تحافظ على نفسك العزيزة ، بالتفوّه ببعض الكلمات الباطلة حسبما يريد الكفّار منك .

1.الإمام النووي ـ شرح صحيح مسلم ـ ص۱۰۶ ، ۱۱۰ ، ۲۶۶ ، ۳۲۵ ، وانظر ـ أيضاً ـ: العيني ، عمدة القاري شرح صحيح البخاري مصر ج۵ ص۵۸۱ ، ج۶ ص۳۵۲ الإمام الرازي ، تفسير مفاتيح الغيب ج۶ ص۱۶۴ ، وحيد الزمان خان نزل الأبرار من فقه النبي المختار ج۳ ص۱۲۳ .

الصفحه من 63