التقيّة في القرآن و السنّة بين السائل و المجيب - الصفحه 50

والله أعلم بما في صدور العالمين» ۱  .

سؤال 8: إنّك قلتَ: إنّ الصحابة كانوا يعملون بالتقيّة ; فهل يمكن أن تعطيني مثالا واحداً ؟

الجواب: لقد أشرنا إلى قضيّة الصحابيّ الجليل عمّار بن ياسر رضي الله عنهما في بداية البحث ، والقصّة كما ذكرت في التفاسير هي:
أخرج عبدالرزاق ، وابن سعد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والحاكم وصحّحه ، والبيهقي في الدلائل ، عن طريق أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار ، عن أبيه ، قال: أخذ المشركون عمّار بن ياسر فلم يتركوه حتّى سبّ النبي(صلى الله عليه وآله)وذكر آلهتهم بخير ، ثمّ تركوه; فلمّا أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما وراءك شيءٌ ؟ قال: شرٌّ ، ما تُرِكتُ حتّى نلتُ منك ، وذكرت آلهتهم بخير .
قال: كيف تجدُ قلبك ؟
قال: مطمئنٌ بالإيمان .
قال: إن عادوا فعُدْ ، فنزلت: إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاِْيمَانِ۲  .
وفي «مجمع البيان» عن ابن عبّاس ، وقتادة: أنّ الآية نزلت في جماعة أُكرهوا ، وهم: عمّار ، وياسر أبوه ، وأُمّه سميّة ، وصهيب ، وبلال ، وخباب ، عُذّبوا وقتل أبو عمّار وأُمّه ، وأعطاهم عمّار بلسانه ما أرادوا منه ، ثمّ أخبر سبحانه رسول الله (صلى الله عليه وآله)فقال قوم: كفرَ عمّار !
فقال (صلى الله عليه وآله): كلاّ ، إنّ عمّاراً مُلِىءَ إيماناً من قرنه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه .

1.الإمام فخر الدين الرازي في تفسير مفاتيح الغيب .

2.الإمام السيوطي: الدر المنثور ـ مصر ـ ج۴ ص۱۳۲ ـ وانظروا ـ أيضاً ـ : العلاّمة جار الله الزمخشري: تفسير الكشّاف ـ بيروت ـ ج۲ ص۴۳۰ ، الإمام الرازي: تفسير مفاتيح الغيب   .

الصفحه من 63